للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فائت الذي هو خير) فيه دليل: على أن الحنث في اليمين أفضل من التمادي إذا كان في الحنث مصلحة، ويختلف باختلاف حكم المحلوف عليه، فإن حلف على فعل واجب، أو ترك حرام؛ فيمينه طاعة، والتمادي واجب، والحنث معصية، وعكسه بالعكس، وإن حلف على فعل نفلٍ، فيمينه طاعة، والتمادي مستحبٌ، والحنث مكروه؛ وإن حلف على ترك مندوب؛ فبعكس الذي قبله، وإن حلف على فعل مباحٍ، فإن كان يتجاذبه رجحان الفعل أو الترك، كما لو حلف لا يأكل طيبًا ولا يلبس ناعمًا ففيه عند الشافعية (١) خلاف.

وقال ابن الصباغ - وصوّبه المتأخرون -: إنَّ ذلك يختلف باختلاف الأحوال، وإن كان مستوي الطرفين، فالأصحّ: أن التمادي أولى؛ لأنه قال: "فليأت الذي هو خير".

قوله: (فكفّر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير)، هذه الرواية صححها الحافظ في "بلوغ المرام" (٢).

وأخرج نحوها أبو عوانة في صحيحه (٣).

وأخرج الحاكم (٤) عن عائشة نحوها.

وأخرج أيضًا الطبراني (٥) من حديث أُم سلمة بلفظ: "فليكفّر عن يمينه، ثم ليفعل الذي هو خير".

وفيه دليل: على أن الكفارة يجب تقديمها على الحنث، ولا يعارض ذلك الروايةُ المذكورة في الباب قبلها بلفظ: "فأتِ الذي هو خير وكفر"، [لأن] (٦) الواو لا تدلّ على ترتيب إنما هي لمطلق الجمع.


(١) البيان للعمراني (١٠/ ٤٩١ - ٤٩٢).
(٢) رقم الحديث (٤/ ١٢٨٣) بتحقيقي ط: دار ابن تيمية، القاهرة.
(٣) في مسنده رقم (٥٩١١ و ٥٩١٤ و ٥٩٤٩).
(٤) في المستدرك (٤/ ٣٠١) وقال: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
(٥) في المعجم الكبير (ج ٢٣ رقم ٦٩٤).
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ١٨٤، ١٨٥) وقال: رجاله ثقات إلا أن عبد الله بن حسن لم يسمع من أم سلمة.
(٦) في المخطوط (ب): (فإن).

<<  <  ج: ص:  >  >>