للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (أو أحدًا حرص عليه) بفتح المهملة والراء.

قال العلماء (١): والحكمة في أنه لا يولَّى من سأل الولاية: أنه يوكل إليها، ولا يكون معه إعانة، كما في الحديث الذي بعده، وإذا لم يكن معه إعانة لا يكون كفؤًا ولا يولى غير الكفء، لأن فيه تهمة.

قوله: (لا تسأل الإمارة) هكذا في أكثر طرق الحديث، ووقع في رواية بلفظ: "لا تتمنينّ الإمارة" بصيغة النهي عن التمني مؤكدًا بالنون الثقيلة.

قال ابن حجر (٢): والنهي عن التمني أبلغ من النهي عن الطلب.

قوله: (عن غير مسألة) أي: سؤال.

قوله: (وكلت إليها) بضمِّ الواو، وكسر الكاف، مخففًا، ومشدّدًا، وسكون اللام، ومعنى المخفف، أي: صرفت إليها، وكل الأمر إلى فلان: صرفه إليه، ووكله بالتشديد: استحفظه.

ومعنى الحديث: أن من طلب الإمارة فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصه.

ويستفاد من هذا أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه؛ فيدخل في الإمارة القضاء والحسبة ونحو ذلك، وأن من حرص على ذلك لا يعان.

ويعارض ذلك في الظاهر حديث أبي هريرة (٣) المذكور في آخر الباب.

قال الحافظ (٤): ويجمع بينهما: أنه لا يلزم من كونه لا يعان بسبب طلبه أن لا يحصل منه العدل إذا ولي؛ أو يحمل الطلب هنا على القصد وهناك على التولية.

وبالجملة فإذا كان الطالب مسلوب الإعانة تورَّط فيما دخل فيه وخسر الدنيا والآخرة فلا تحلّ تولية من كان كذلك، وأيضًا ربما كان الطالب للإمارة مريدًا بها الظهور على الأعداء والتنكيل بهم فيكون في توليته مفسدة عظيمة.


(١) شرح صحيح مسلم للنووي (١٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٢) في "الفتح" (١٣/ ١٢٤).
(٣) تقدم برقم (٧/ ٣٨٧٨) من كتابنا هذا.
(٤) في "الفتح" (١٣/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>