للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الداودي (١): نعمت المرضعة؛ أي: في الدنيا، وبئست الفاطمة؛ أي: بعد الموت لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك، فهو كالذي يفطم قبل أن يستغني، فيكون في ذلك هلاكه.

وقال غيره (١): نعمت المرضعة لما فيها من حصول الجاه والمال ونفاذ الكلمة وتحصيل اللذات الحسية والوهمية حال حصولها، وبئست الفاطمة عند الانفصال عنها بموت أو غيره وما يترتب عليها من التبعات في الآخرة.

قوله: (ثم غلب عدله جوره) أي كان عدله في حكمه أكثر من ظلمه، كما يقال: غلب على فلان الكرم؛ أي: هو أكثر خصاله.

وظاهره: أنه ليس من شرط الأجر الذي هو الجنة أن لا يحصل من القاضي جوز أصلًا، بل المراد أن يكون جوره مغلوبًا بعدله.

فلا يضر الجور المغلوب بالعدل، إنما الذي يضرُّ ويوجب النار أن يكون الجور غالبًا للعدل.

قيل: هذا الحديث محمول على ما إذا لم يوجد غير هذا القاضي الذي طلب القضاء، جمعًا بينه وبين أحاديث الباب، وقد تقدم طرف من الجمع.

وبقي الكلام في استحقاق الأمير للإعانة هل يكون بمجرّد إعطائه لها من غير مسألة كما يدلّ عليه حديث عبد الرحمن بن سمرة (٢) المذكور في الباب أم لا يستحقها إلا بالإكراه والإجبار كما يدلّ عليه حديث أنس (٣) المذكور أيضًا؟

فقال ابن رسلان: إنَّ المطلق مقيد بما إذا أكره على الولاية وأجبر على


= أقول: لم يلحقها بـ (نعم) لأنَّ المرضعة مستعارة للإمارة وهي وإن كانت مؤنثة إلا أن تأنيثها غير حقيقي، وألحقها بـ (بئس) نظرًا إلى كون الإمارة حينئذٍ داهية دهياء، وفيه أن ما يناله الأمير من البأساء والضراء، أبلغ وأشد مما يناله من النعماء والسراء، وإنما أتى بالتاء في المرضع والفاطم، دلالة على تصوير، تينيك الحالتين المتجددتين في الإرضاع والفطام".
(١) حكاه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٢٦).
(٢) تقدم برقم (٣٨٧٥) من كتابنا هذا.
(٣) تقدم برقم (٣٨٧٦) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>