للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وأما ثانيًا): فلأن النفي للحاجب في بعض الأوقات لا يستلزم النفي مطلقًا، وغاية ذلك أنه لم يكن له حاجب راتب.

قال ابن بطال (١): الجمع بينهما أنه إذا لم يكن في شغل من أهله ولا انفراد بشيء من أمره رفع حجابه بينه ويبن الناس ويبرز لطالب الحاجة وبمثله قال الكرماني (٢).

وقد ثبت في قصة عمر في منازعة عليّ والعباس في فدك: أنَّه كان له حاجب يقال له: يرفا.

قال ابن التين (٣) متعقبًا لما نقله عن الداودي في كلامه المتقدم: إن كان مراده البطائق التي فيها الإخبار بما جرى فصحيح؛ يعني أنه حادث، وإن كان مراده البطائق التي يكتب فيها للسبق ليبدأ بالنظر في خصومة من سبق، فهو من العدل في الحكم. اهـ.

قلت: ومن العدل والتثبت في الحكم أن لا يُدخل الحاكم جميع من كان ببابه من المتخاصمين إلى مجلس حكمه دفعة واحدة إذا كانوا جمعًا كثيرًا، ولا سيما إذا كانوا مثل أهل هذه الديار اليمنية، فإنهم إذا وصلوا إلى مجلس القاضي صرخوا جميعًا فيتشوّش فهمه ويتغير ذهنه فيقلّ تدبره وتثبته، بل يجعل ببابه من يرقم الواصلين من الخصوم الأوّل فالأوّل، ثم يدعوهم إلى مجلس حكمه كل خصمين على حدة، فالتخصيص لعموم المنع بمثل ما ذكرناه معلوم من كليات الشريعة وجزئياتها، مثل حديث نهي الحاكم عن القضاء حال الغضب والتأذي بأمر من الأمور، كما سيأتي.

وكذلك أمره بالتثبت والاستماع لحجة كل واحد من الخصمين، وكذلك أمره باجتهاد الرأي في الخصومة التي تعرض.

قال بعض أهل العلم (٤): وظيفة البوّاب أو الحاجب أن يطالع الحاكم بحال


(١) في شرحه لصحيح البخاري (٨/ ٢٢٣).
(٢) في شرحه لصحيح البخاري (٢٤/ ٢٠٢).
(٣) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٣٣).
(٤) كما في "الفتح" (١٣/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>