للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن الصلاح (١) في كلامه على الوسيط: لم أجد له إسنادًا يثبت.

قوله: (إنَّ الخصمين يقعدان … إلخ) هذا فيه دليل لمشروعية قعود الخصمين بين يدي الحاكم، ولعلّ هذه الهيئة مشروعة لذاتها لا لمجرّد التسوية بين الخصمين، فإنها ممكنة بدون القعود بين يدي الحاكم بأن يقعد أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله أو أحدهما في جانب من المجلس والآخر في جانب يقابله ويساويه أو نحو ذلك.

والوجه في مشروعية هذه الهيئة أن ذلك هو مقعد الإهانة والإصغار، وموقف من لا يعتدُّ بشأنه من الخدم ونحوهم، لقصد الإعزاز للشريعة المطهرة، والرفع من منارها، وتواضع المتكبرين لها، وكثيرًا ما ترى من كان متمسكًا بأذيال الكبر يعظم عليه قعوده في ذلك المقعد، فلعلَّ هذه هي الحكمة، والله أعلم.

ويؤخذ من الحديث أيضًا: مشروعية التسوية بين الخصمين؛ لأنهما لما أمرا بالقعود جميعًا على تلك الصفة، كان الاستواء في الموقف لازمًا لها، وأوضح من ذلك حديث أمّ سلمة (٢)، وقصة عليّ مع خصمه عند شريح (٣)، كما تقدم.

وفيها تخصيص المسلم إذا كان خصمه كافرًا، فلا يساويه في الموقف، بل يرفع موقف المؤمن على موقف الكافر؛ لأن الإسلام يعلو.


= للبيهقي (١٠/ ١٣٦) والتاريخ الكبير (٦/ ٣٤٤) والجرح والتعديل (٦/ ٢٣٩) والميزان (٣/ ٢٦٨).
(١) في "مشكل الوسيط" له (٧/ ٣١٣ - مع الوسيط).
• قصة عليٍّ مع غريمه الذمي عندَ شريح، وهو ما أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٤/ ١٣٩) بسنده، وذكر القصة بطولها.
• قلت: وذكر القصة أيضًا الذهبي في "الميزان" (١/ ٥٨٥) في ترجمة أبي سُمير حكيم بن خِذام.
وذكر الحافظ الذهبي أن أبا حاتم قال: إنه متروك الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث .. فعلم بذلك أن القصة ضعيفة جدًّا من طريق سمير هذا.
• وأورد القصة أيضًا محمد بن خلف الملقب بـ "وكيع" في كتابه "أخبار القضاة" (٢/ ١٩٤) بسند آخر مظلم.
(٢) تقدم آنفًا بسند ضعيف لضعف عباد بن كثير.
(٣) تقدم آنفًا بسند ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>