للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستضعفه ابن دقيق العيد (١) وقال: إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحًا في الدلالة على هذا الظاهرة وأقوى ما عارضوا به حديث: "من توضأ يوم الجمعة" (٢)، ولا يقاوم سنده سند هذه الأحاديث، انتهى.

وأما حديث: "من توضأ فأحسن الوضوء" (٣)، فقال الحافظ في الفتح (٤): ليس فيه نفي الغسل، وقد ورد من وجه آخر في الصحيح بلفظ: "من اغتسل"، فيحتمل أن يكون ذكر الوضوء لمن تقدم غسله على الذهاب فاحتاج إلى إعادة الوضوء، انتهى.

وأما حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب وهو عثمان كما سيأتي (٥)، فما أُراه إلا حجة على القائل بالاستحباب لا له، لأن إنكار عمر على رأس المنبر في ذلك الجمع على مثل ذلك الصحابي الجليل، وتقرير جميع الحاضرين الذين هم جمهور الصحابة لما وقع من ذلك الإنكار، من أعظم الأدلة القاضية بأن الوجوب كان معلومًا عند الصحابة، ولو كان الأمر عندهم على عدم الوجوب لما عول ذلك الصحابي في الاعتذار على غيره، فأي تقرير من عمر ومن حضر بعد هذا. ولعل النووي ومن معه ظنوا أنه لو كان الاغتسال واجبًا لنزل عمر من منبره، وأخذ بيد ذلك الصحابي وذهب به إلى المغتسل، أو لقال له: لا تقف في هذا الجمع أو اذهب فاغتسل فإنا سننتظرك أو ما أشبه ذلك، ومثل هذا لا يجب على من رأَى الإِخلال بواجب من واجبات الشرعية، وغاية ما كلفنا به في إنكار على من ترك واجبًا هو ما فعله عمر في هذه الواقعة على أَنه يحتمل أن يكون قد اغتسل في أَول النهار، كما قال الحافظ في الفتح، لما ثبت في صحيح مسلم عن حمران مولى عثمان أن عثمان لم يكن يمضي عليه يوم حتى يفيض عليه الماء، وإنما لم يعتذر لعمر بذلك كما اعتذر عن التأخر، لأنه لم يتصل غسله بذهابه إلى الجمعة.


(١) في "إحكام الأحكام" (١/ ١٠٩ - ١١٠).
(٢) وهو حديث حسن بطرقه يأتي تخريجه برقم (٥/ ٣١٣) من كتابنا هذا.
(٣) وهو حديث صحيح أخرجه مسلم رقم (٢٧/ ٨٥٧) من حديث أبي هريرة.
(٤) في "فتح الباري" (٢/ ٣٦٢).
(٥) برقم (/ ٣١٢) من كتابنا هذا، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>