للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن النبي لا يقر على باطل، والتبسم والاستبشار أقوى دلالة من السكوت على الجواز، فإن الاستبشار دلالته على الجواز بطريق الأولى.

وقد استدل بهذا الحديث الثوري (١) ومالك (٢) وأبو حنيفة (٣) وابن المنذر (٤) [على] (٥) أن من تيمم لشدة البرد وصلى لا تجب عليه الإِعادة؛ لأن النبي لم يأمره بإلإِعادة، ولو كانت واجبة لأمره بها ولأنه أتي بما أمر به وقدر عليه، فأشبه سائر من يصلي بالتيمم.

قال ابن رسلان (٦): "لا يتيمم لشدة البرد من أمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن الضرر مثل أن يغسل عضوًا ويستره، وكلما غسل عضوًا ستره ودفاه من البرد لزمه ذلك، وإن لم يقدر تيمم وصلى في قول أكثر العلماء".

وقال الحسن (٧) وعطاء (٨): يغتسل وإن مات ولم يجعلا له عذرًا. ومقتضى قول ابن مسعود (٩): لو رخصنا لهم لأوشك إذا برد عليهم المَاء أن يتيمموا أنه لا يتيمم لشدة البرد.


(١) روى عنه عبد الرزاق في "المصنف" (١/ ٢٢٦ رقم ٨٧٧).
(٢) حكاه عنه ابن القاسم في "المدونة الكبرى" (١/ ٤٥).
(٣) انظر: "المبسوط" (١/ ١٢٢).
(٤) في "الأوسط" (٢/ ٢٦) وقال: "وبقول مالك وسفيان أقول، وذلك لحجج ثلاث (أحدها): قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوَا أَنفُسَكُم﴾ [النساء: ٢٩].
و (الثانية): خبر عمرو بن العاص الصحيح المتقدم برقم (٣/ ٣٥٦) من كتابنا هذا.
(وحجة ثالثة): وهو أنهم قد أجمعوا على أن من كان في سفر ومعه من الماء ما يغتسل به من الجنابة، وهو خائف على نفسه العطش إذا اغتسل بالماء، أن يتيمم ولا إعادة عليه، ولا يعرض نفسه للتلف، ولا فرق بين الخائف على نفسه من الحر والعطش، والخائف على نفسه من البرد، في أن كل واحد منهما خائف على نفسه أن يهلك من البرد إن اغتسل بالماء" اهـ.
(٥) زيادة من (ج).
(٦) انظر: "فتح المنان شرح زُبَد ابن رسلان" للمفتي الحبيشي الإبي (ص ٨٨ - ٨٩). وإليك ما قال ابن رسلان في زبده:
تَيَمُّمُ المُحدِثِ أو مَنْ أجنَبَا … يُبَاحُ في حالٍ وحَالٍ وَجَبَا
وَشَرْطُهُ خَوْفٌ من استعمالِ مَا … أوْ فَقْدُ مَاءٍ فاضِلٍ عن الظَّمَا
(٧) حكاه عنه ابن قدامة في "المغني" (١/ ٣٣٩)، والمنذري في "الأوسط" (٢/ ٢٦).
(٨) حكاه عنه ابن قدامة في "المغني" (١/ ٣٣٩)، والمنذري في "الأوسط" (٢/ ٢٦).
(٩) حكاه عنه ابن قدامة في "المغني" (١/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>