للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي دون ذلك، وروي بخمسي دينار، وروي بعتق نسمة، وهذا عند التدين والتحقيق لا يضرّه، ثم أخذ في تصحيح حديث عبد الحميد، وأكثر أهل العلم زعموا أن هذا الحديث مرسل أو موقوف على ابن عباس. قال الخطابي (١): والأصحّ أنه متصل مرفوع لكن الذمم بريئة إلا أن تقوم الحجة بشغلها.

ويجاب عن دعوى الاختلاف في رفعه ووقفه بأن يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وابن أبي عدي رفعوه عن شعبة، وكذلك وهب بن جرير وسعيد بن عامر والنضر بن شميل وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف.

قال ابن سيد الناس: من رفعه عن شعبة أجلّ وأكثر وأحفظ ممن وقفه، وأما قول شعبة أسنده إلى الحكم مرة ووقفه مرّة فقد أخبر عن المرفوع والموقوف أن كلًا عنده، ثم لو تساوى رافعوه مع واقفيه لم يكن في ذلك ما يقدح فيه. قال أبو بكر الخطيب: اختلاف الروايتين في الرفع والوقف لا يؤثر في الحديث ضعفًا وهو مذهب أهل الأصول؛ لأن إحدى الروايتين ليست مكذبة للأخرى، والأخذ بالمرفوع أخذ بالزيادة وهي واجبة القبول: قال الحافظ (٢): وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث والجواب عن طرق الطعن فيه بما يراجع منه.

وأقر ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان وقواه في الإمام (٣) وهو الصواب (٤)، فكم من حديث قد احتجوا به فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا كحديث بئر بضاعة (٥) وحديث القلتين (٦) ونحوهما. وفي ذلك ما يرد على النووي


(١) في "معالم السنن" (١/ ١٨١ - هامش السنن). ولفظه: " … أن هذا الحديث مرسل، أو موقوف على ابن عباس ولا يصح متصلًا مرفوعًا. والذِّمَم بَريّةٌ إلا أن تقوم الحجة بشغلها … "اهـ.
(٢) في "التلخيص" (١/ ١٦٦).
(٣) "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام" (٣/ ٢٥٧ - ٢٧٠).
(٤) وقد صححه أيضًا ابن التركماني، وابن القيم، وابن حجر، والألباني. انظر: "إرواء الغليل" رقم (١٩٧) و"التلخيص الحبير" (١/ ١٦٥ - ١٦٦).
(٥) وهو حديث صحيح تقدم برقم (١٣) من كتابنا هذا.
(٦) وهو حديث صحيح تقدم برقم (١٤) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>