للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمِّه الخطيب، وقدِم بغدادَ وهو مراهقٌ مع السّيف ابن عمه، وسمعَ من أحمدَ بن سُكينةَ وابنِ طَبَرْزَدَ ويوسفَ بن كاملٍ، وعدةٍ. وسمعَ بحرّانَ من حَنْبَل وعبدِ القادر الحافظِ، وتلا بالعشرِ على الشيخِ عبد الواحد بن سلطان.

حدًثَ عنه ولدُهُ شهابُ الدين والدمياطى وأمينُ الدينِ بنُ شُقيرٍ وعبد الغني بن منصورٍ ومحمدُ بنُ [البزار] (١) والواعظُ محمد بنُ عبدِ المحسنِ وغيرهم، وتفقه وبرعَ واشتغلَ وصنَّفَ التصانيفَ، وانتهت إليه الإِمامةُ في الفقهِ ودرس القراءات، وصنَّف فيها أرجوزةَ. تلا عليه الشيخ القيرواني. وحج في سنة إحدى وخمسين على درب العراقِ، وابتهر علماءُ بغدادَ لذكائِهِ وفضائِلهِ. والتمس منه أُستاذ دارِ الخلافة محيي الدين بن الجوزيّ الإِقامةَ عندهم فتعلّل بالأهلِ والوطنِ".

قال الذهبي (٢): "سمعتُ الشيخَ تقيَّ الدين أبا العباسِ يقول: كان الشيخُ ابن مالكَ (٣) يقولَ: أُلينَ للشيخِ المجد الفقهُ كما أُلينَ لداودَ الحديدُ. قال الشيخ: وكانت في جدّنا حدّة، اجتمع ببعض الشيوخ وأورد عليه مسألة، فقال: الجواب عنها من ستين وجهًا: الأول كذَا، والثاني كَذَا، وسرَدها إلى آخِرِهَا، وقد رضِينا عنكَ بإعادةِ أجوِبةِ الجميعِ فخضعَ له وابْتهرَ.

قال العلامةُ ابنُ حمدانَ: كنتُ أُطالعُ على درسِ الشيخِ وما أبقي مُمكنًا، فإذا أصبحْتُ وحضرتُ ينقلُ أشياءَ غريبةً لم أعْرِفْها.

قال الشيخُ تقي الدين: وجَدْنَاه عجيبًا في سَرْدِ المُتونِ وحِفْظِ المذاهبِ بلا كُلْفةٍ، وسافَرَ مع ابن عفه إلى العراقِ ليخدِمَه، وله ثلاثَ عشرةَ سنةً، فكانَ يبيتُ عندَهُ وَيَسْمَعُهُ يُكرِّرُ مسائلَ الخلافِ فيحفظُ المسألةَ … وأبو البقاءِ شيخُهُ في النحْوِ والفرائضِ، وأبو بكر بن غُنَيمةَ شيخُهُ في الفِقْهِ، وأقام ببغدادَ ستةَ أعوامٍ مُكِبًّا على الاشتغالِ، ثم ارتحلَ إلى بغدادَ قبلَ العشريْنَ وستمائةِ، فتزيَّدَ من العلْمِ وصنفَ التصانيفَ مع الدينِ، والتقْوى وحسنِ الاتباع. وتُوفي بحرَّانَ يومَ الفطرِ سنةَ اثنتين وخمسينَ وستمائةٍ" اهـ.


(١) في "سير أعلام النبلاء" "القزاز".
(٢) في السير أيضًا (٢٣/ ٢٩٢ - ٢٩٣).
(٣) وهو: جمال الدين بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>