آمن وهو من كلام الله تعالى نبه الله سبحانه أن الرزق عام دنيوي يعم المؤمن والكافر لا الإمامة والتقدم في الدين أو مبتدأ تضمن معنى الشرط (﴿فأمتعه قليلاً) خبره، وقليلاً: نصب بالمصدر والكفر، وإن لم يكن سبب التمتع لكنه سبب تقليله بأن يجعله مقصورًا بحظوظ الدنيا غير متوسل به إلى نيل الثواب ولذلك عطف عليه (﴿ثم أَضطّره إلى عذاب النارو﴾) أي ألجئه إليه (﴿وبئس المصير﴾). أي العذاب. فحذف المخصوص بالذم (﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد﴾) الأساس (﴿من البيت﴾) ورفعها البناء عليها وظاهره أنه كان مؤسسًا قبل إبراهيم، ويحتمل أن يكون المواد بالرفع نقلها من مكانها إلى مكان البيت (﴿وإسماعيل﴾)، كان يناوله الحجارة يقولان (﴿ربنا تقبل منا﴾) بناء البيت (﴿إنك أنت السميع﴾). لدعائنا (﴿العليم﴾) بنياتنا (﴿ربنا واجعلنا مسلمين لك﴾) مخلصين لك منقادين (﴿ومن ذريتنا﴾) أي واجعل بعض ذريتنا (﴿أمة﴾) جماعة (﴿مسلمة لك﴾) خاضعة مخلصة، وإنما خصا الذرية بالدعاء لأنهم أحق بالشفقة ولأنهم إذا صلحوا بهم الأتباع، وخصا بعضهم لما أعلما في ذريتهما ظلمة وعلما أن الحكمة الإلهية لا تقتضي الاتفاق على الإخلاص والإقبال الكلي على الله فإنه مما يشوّش المعاش، ولذلك قيل: لولا الحمقى لخربت الدنيا قاله القاضي: (﴿وأرنا﴾) قال البيضاوي: من رأى بمعنى أبصر أو عرف ولذلك بتجاوز مفعولين. وقال أبو حيان: أي تصرنا إن كانت من رأي البصرية، والتعدي هنا إلى اثنين ظاهر لأنه منقول بالهمزة من المتعدي إلى واحد، وإن كانت من رؤية القلب فالمنقول أنها تتعدى إلى اثنين، فإذا دخلت عليها همزة النقل تعدّت إلى ثلاثة وليس هنا إلا اثنان فوجب أن يعتقد أنها من رؤية العين، وقد جعلها الزمخشري من رؤية القلب وشرحها بقوله: عرف فهي عنده تأتي بمعنى عرف أي تكون قلبية وتتعدى إلى واحد، ثم أدخلت همزة النقل فتعدت إلى اثنين ويحتاج ذلك إلى سماع من كلام العرب اهـ.
(﴿مناسكنا﴾) متعبداتنا في الحج أو مذابحنا. وروى عبد بن حميد عن أبي مجلز قال، لما فرغ إبراهيم من البيت أتاه جبريل فأراه الطواف بالبيت سبعًا قال: وأحسبه بين الصفا والمروة ثم أتى به عرفة فقال" أعرفت؟ قال: نعم، قال: فمن ثم سميت عرفات ثم أتى به جميعًا فقال: هاهنا يجمع الناس الصلاة، ثم أتى به منى فعرض لهما الشيطان فأخذ جبريل سبع حصيات فقال: أرمه بها وكبّر مع كل حصاة (﴿وتب علينا﴾)، استتابة لذريتهما لأنهما معصومان أو عما فرط منهما سهوًا، ولعلهما قالاه هضمًا لأنفسهما وإرشادًا لذريتهما (﴿إنك أنت التواب الرحيم﴾)[البقرة: الآيات: ١٢٥ - ١٢٦ - ١٢٧ - ١٢٨] لمن تاب. وهذه أربع آيات ساقها المصنف كلها كما هو في رواية كريمة، وللباقين بعض الآية الأولى، ولأبي ذر كلها ثم قال: إلى قوله التواب الرحيم.
وبالسند قال:(حدّثنا) بالجمع ولأبوي ذر والوقت: حدثني (عبد الله بن محمد) المسندي الجعفي قال: (حدثنا أبو عاصم) النبيل هو أحد شيوخ المؤلّف أخرج عنه في غير موضع بواسطة (قال: أخبرني) بالإفراد (ابن جريج) بضم الجيم الأولى وفتح الراء عبد الملك بن عبد العزيز (قال: أخبرني) بالإفراد أيضًا (عمرو بن دينار) بفتح العين (قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري (﵄ يقول): ولغير الكشميهني قال: (لما بنيت الكعبة) قبل المبعث بخمس سنين وكانت قريش خافت أن تنهدم من السيول، وقد اختلف في عدد بنائها والذي تحصل من ذلك أنها بنيت عشر مرات: بناء الملائكة قبل خلق آدم وذلك لما قالوا: ﴿أتجعل فيها من يفسد فيها﴾ [البقرة: ٣٠] الآية خافوا وحافوا بالعرش ثم أمرهم الله تعالى أن يبنوا في كل سماء بيتًا وفي كل أرض بيتًا. قال مجاهد: هي أربعة عشر بيتًا، وقد روي أن الملائكة حين أسست الكعبة انشقت الأرض إلى منتهاها وقذفت فيها حجارة أمثال الإبل فتلك القواعد من البيت التي وضع عليها إبراهيم وإسماعيل.
ثم بناء آدم ﵊ رواه البيهقي في دلائل النبوّة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي مرفوعًا من طريق ابن لهيعة وفيه أنه قيل له: أنت