قال فقلت لابن أخي ما شأنك؟ قال: نهيت أن أمشي عريانًا. قال: فكتمته حتى أظهر الله نبوّته. وفي التهذيب للطبراني: إني لمع غلمان هم أسناني قد جمعنا أزرنا على أعناقنا لحجارة ننقلها إذ لكمني لاكم لكمة شديدة ثم قال: اشدد عليك إزارك. وعند السهيلي في خبر آخر لما سقط ضمه العباس إلى نفسه وسأله عن شأنه فأخبره أنه نودي من السماء أن اشدد إزارك يا محمد. وفي رواية أن الملك نزل فشدّ عليه إزاره فوضح أن استتاره لم يكن مستند إلى شرع متقدم (فقال:) ﵊ لعمه العباس
(أرني) بكسر الراء وسكونها أي أعطني (إزاري) لأن الإراءة من لازمها الإعطاء فأعطاه فأخذ (فشده عليه) زاد زكريا بن إسحاق في روايته السابقة في باب كراهية التعري في أوائل الصلاة فما رئي بعد ذلك عريانًا.
وفي هذا الحديث التحديث بالجمع والإفراد والإخبار بالإفراد والسماع والقول، ورواته ما بين بخاري وبصري ومكّي، وأخرجه أيضًا في بنيان الكعبة ومسلم في الطهارة.
١٥٨٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ ﵃ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَهَا: أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ"
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ﵁: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ ﵂ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إِلاَّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ.
وبه قال (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن سالم بن عبد الله) بن عمر (أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر) الصديق (أخبره) أباه (عبد الله بن عمر) بن الخطاب بنصب عبد الله على المفعولية والفاعل مضمر (عن عائشة) متعلق بأخبر (﵂ زوج النبي ﷺ أن رسول الله ﷺ قال لها):
(ألم تري) مجزوم بحذف النون أي ألم تعرفي (أن قومك) قريشًا (لما) ولأبوي ذر والوقت: حين (بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم) (فقلت: يا رسول الله ألا تردّها على قواعد إبراهيم)؟ جمع قاعدة وهي الأساس (قال) ﵊: (لولا حدثان قومك) قريش بكسر الحاء وسكون الدال المهملتين وفتح المثلثة مبتدأ خبره محذوف وجوبًا أي موجود يعني قرب عهدهم (بالكفر لفعلت) أي لرددتها على قواعد إبراهيم، وفيه دليل على ارتكاب أيسر الضررين دفعًا لأكبرهما، لأن قصور البيت أيسر من افتتان طائفة من المسلمين ورجوعهم عن دينهم (فقال عبد الله) بن عمر (﵁) وعن أبيه بالإسناد المذكور: (لئن كانت عائشة ﵂ سمعت هذا من النبي ﷺ) ليس شكًا في قولها ولا تضعيفًا لحديثها فإنها الحافظة المتقنة، لكنه جرى على ما يعتاد في كلام العرب من الترديد للتقرير واليقين كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ﴾ [الأنبياء: ١١١] (ما أرى) بضم الهمزة ما أظن (رسول الله ﷺ ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر) بسكون الجيم أي يقربان منه وزاد معمر ولا طاف الناس من وراء الحجر (إلا أن البيت) الكعبة (لم يتمم) ما نقص منه وهو الركن الذي كان في الأصل (على قواعد إبراهيم) ﵇، فالموجود الآن في جهة
الحجر بعض الجدار الذي بنته قريش فلذلك لم يستلمهما النبي ﷺ فلو استلمهما أو غيرهما من البيت أو قبل ذلك لم يكره ولا هو خلاف الأولى بل هو حسن لما في الاستقصاء عن الشافعي أنه قال: وأي البيت قبل فحسن غير أنا نأمر بالاتباع اهـ.
قال أبو عبد الله الأبي: وهذا الذي قاله ابن عمر من فقهه ومن تعليل العدم بالعدم علل عدم الاستلام بعدم أنهما من البيت.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في أحاديث الأنبياء وفي التفسير، ومسلم في الحج والنسائي فيه وفى العلم وفي التفسير.
١٥٨٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ "سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الْجَدْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ. قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ: فَعَلَ ذَلِكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ".
وبه قال: (حدّثنا مسدد) قال: (حدّثنا أبو الأحوص) بفتح الهمزة وسكون الحاء آخره صاد مهملتين بينهما واو مفتوحة سلام بن سليم الجعفي قال: (حدّثنا أشعث) بهمزة مفتوحة فمعجمة ساكنة فعين مهملة مفتوحة فمثلثة ابن أبي الشعثاء المحاربي (عن الأسود بن يزيد) من الزيادة (عن عائشة ﵂ قالت: سألت النبي ﷺ عن الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة، ولأبي ذر عن المستملي: عن الجدار بكسر ثم فتح فألف (أمن البيت هو)؟ بهمزة الاستفهام (قال:) ﵊