فيها أبو بكر بعون حسن وفي رواية الواقدي عشر قلائص قاله الحافظ ابن حجر.
(قال وجعل) عروة (يكلم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكلما تكلم) زاد أبو ذر عن الحموي والكشميهني كلمة والذي في اليونينية كلمه بدل قوله تكلم. وفي نسخة فكلما كلمه (أخذ بلحيته) الشريفة على عادة العرب من تناول الرجل لحية من يكلمه لا سيما عند الملاطفة (ومغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومعه سيف) قصدًا لحراسته (وعليه) أي على المغيرة (المغفر) بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الفاء ليستخفي من عروة عمه (فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضرب يده) إجلالاً للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتعظيمًا (بنعل السيف) وهو ما يكون أسفل القراب من فضة أو غيرها (وقال له: أخّر يدك عن لحية رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد عروة بن الزبير فإنه لا ينبغي لمشرك أن يمسه (فرفع عروة رأسه فقال: من هذا)؟ الذي يضرب يدي (قالوا) ولأبي ذر قال (المغيرة بن شعبة) وعند ابن إسحاق فتبسم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال له عروة: من هذا يا محمد؟ قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة. قال في الفتح. وكذا أخرجه ابن أبي شيبة من حديث المغيرة بن شعبة نفسه بإسناد صحيح وأخرجه ابن حبان.
(فقال) عروة مخاطبًا للمغيرة (أي غدرًا) بضم الغين المعجمة وفتح الدال أي يا غدر معدول عن غادر مبالغة في وصفه بالغدر (ألست أسعى في غدرتك) أي ألست أسعى في دفع شرّ خيانتك ببذل المال (وكان المغيرة) قبل إسلامه (صحب قومًا في الجاهلية) من ثقيف من بني مالك لما خرجوا زائرين المقوقس بمصر فأحسن إليهم وقصر بالمغيرة فحصلت له الغيرة منهم لأنه ليس من القوم فلما كانوا
بالطريق شربوا الخمر فلما سكروا وناموا غدر بهم (فقتلهم) جميعًا (وأخذ أموالهم) فلما بلغ ثقيفًا فعل المغيرة تداعوا للقتال فسعى عروة عم المغيرة حتى أخذوا منه ديّة ثلاثة عشر نفسًا واصطلحوا فهذا هو سبب قوله أي غدر (ثم جاء) إلى المدينة (فأسلم) فقال له أبو بكر: ما فعل المالكيون الذين كانوا معك؟ قال: قتلتهم وجئت بأسلابهم إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لتخمس أو ليري رأيه فيها (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(أما الإسلام) بالنصب على المفعولية (فأقبل) بلفظ المضارع أي أقبله (وأما المال فلست منه في شيء) أي لا أتعرض له لكونه أخذه غدرًا لأن أموال المشركين وإن كانت مغنومة عند القهر فلا يحلّ أخذها عند الأمن، فإذا كان الإنسان مصاحبًا لهم فقد أمّن كل واحد منهما صاحبه فسفك الدماء وأخذ الأموال عند ذلك غدر والغدر بالكفار وغيرهم محظور وإنما تحل أموالهم بالمحاربة والمغالبة ولعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ترك المال في يده لإمكان أن يسلم قومه فيردّ إليهم أموالهم.
(ثم وإن عروة جعل يرمق) بضم الميم أي يلحظ (أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعينيه) بالتثنية (قال: فوالله ما تنخم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نخامة) بضم النون ما يصعد من الصدر إلى الفم (إلا وقعت في كل رجل منهم فدلك بها) أي بالنخامة (وجهه وجلده) تبركًا بفضلاته وزاد ابن إسحاق ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه (وإذا أمرهم ابتدروا أمره) أي أسرعوا إلى فعله (وإذا توضأ كانوا يقتتلون على وضوئه) بفتح الواو وفضلة الماء الذي توضأ به أو على ما يجتمع من القطرات وما يسيل من الماء الذي باشر أعضاءه الشريفة عند الوضوء، (وإذا تكلم) عليه الصلاة والسلام ولأبي ذر وإذا تكلموا أي الصحابة (خفضوا أصواتهم عنده وما يحدّون) بضم التحتية مبنيًّا للمفعول في اليونينية بالحاء المهملة (إليه النظر) أي ما يتأملونه ولا يديمون النظر إليه (تعظيمًا له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم) أي يا قوم (والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر) غير منصرف للعجمة وهو لقب لكلٍّ من ملك الروم (وكسرى) بكسر الكاف وتفتح اسم لكل من ملك الفرس (والنجاشي) بفتح النون وتخفيف الجيم وبعد الألف شين معجمة وتشديد التحتية وتخفف لقب من ملك الحبشة، وهذا من باب عطف الخاص على العام وخصّ الثلاثة بالذكر لأنهم كانوا أعظم ملوك ذلك الزمان (والله إن)