بكسر الهمزة نافية أي ما (رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (محمدًا والله إن) بكسر الهمزة نافية أي ما (تنخم) بلفظ الماضي ولأبي ذر يتنخم (نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم) عليه الصلاة والسلام ولأبي ذر تكلموا بضمير الجمع أي الصحابة (خفضوا أصواتهم عنده) إجلالاً له وتوقيرًا (وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له وإنه) بكسر الهمزة عليه الصلاة والسلام (قد عرض عليكم خطة رشد) بضم الخاء المعجمة وتشديد المهملة أي خصلة خير وصلاح (فاقبلوها) بهمزة وصل وفتح الموحدة.
(فقال رجل من بني كنانة) هو الحليس بمهملتين مصغرًا ابن علقمة سيد الأحابيش كما ذكره الزبير بن بكار (دعوني آتيه) بتحتية قبل الهاء ولأبي ذر آته بحذفها مجزومًا مع كسر الهاء (فقالوا ائته) بهمزة ساكنة وكسر الهاء فأتى (فلما أشرف على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن) بضم الموحدة وسكون الدال المهملة جمع بدنة وهي من الإبل والبقر (فابعثوها) أي أثيروها (له)(فبعثت له واستقبله الناس) حال كونهم (يلبون) بالعمرة (فلما رأى) الكناني (ذلك) المذكور من البدن واستقبال الناس له بالتلبية (قال) متعجبًا (سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا) بضم أوله وفتح الصاد المهملة أي يمنعوا (عن البيت فلما رجع إلى أصحابه قال) لهم: (رأيت البدن قد قلدت) بضم القاف وكسر اللام المشددة أي علق في عنقها شيء ليعلم أنها هدي (وأشعرت) بضم أوّله وسكون المعجمة وكسر المهملة أي طعن في سنامها بحيث سأل دمها ليكون علامة للهدي أيضًا (فما رأى) بفتح الهمزة (أن يصدوا عن البيت) زاد ابن إسحاق وغضب وقال: يا معشر قريش ما على هذا عاقدناكم أيصدّ عن بيت الله من جاء معظّمًا له. فقالوا: كفّ عنّا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى.
(فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح الراء بعدها زاي ابن الأخيف بخاء معجمة فتحتية ففاء وهو من بني عامر بن لؤي (فقال: دعوني آتيه) ولأبي ذر آته بحذف التحتية (فقالوا: ائته فلما أشرف عليهم) على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)(هذا مكرز وهو رجل فاجر) أي غادر لأنه كان مشهورًا بالغدر ولم يصدر منه في قصة الحديبية فجور ظاهر (فجعل) أي مكرز (يكلم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبينما) بالميم (هو) أي مكرز (يكلمه) عليه الصلاة والسلام (إذ جاء سهيل بن عمرو (تصغير سهل وعمرو بفتح العين (قال معمر) هو ابن راشد بالإسناد السابق (فأخبرني) بالإفراد (أيوب) هو السختياني (عن عكرمة) مولى ابن عباس (أنه لما جاء سهيل بن عمرو) سقط لأبي ذر ابن عمرو (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)(لقد) ولأبي ذر: قد (سهل لكم من أمركم) بفتح السين المهملة وضم الهاء وهذا مرسل، وله شاهد موصول عند ابن أبي شيبة من حديث سلمة بن الأكوع قال: بعثت قريش بسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليصالحوه، فلما رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سهيلاً قال:"قد سهل لكم من أمركم" وهذا من باب التفاؤل، وكان عليه الصلاة والسلام يعجبه الفأل الحسن وأتى بمن التبعيضية في قوله: من أمركم إيذانًا بأن السهولة الواقعة في هذه القصة ليست عظيمة قيل ولعله عليه الصلاة والسلام أخذ ذلك من التصغير الواقع في سهيل فإن تصغيره يقتضي كونه ليس عظيمًا.
(قال معمر) بالإسناد السابق أيضًا (قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (في حديثه) السابق فحديث عكرمة معترض في أثنائه (فجاء سهيل بن عمرو) في رواية ابن إسحاق فلما انتهى إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جرى بينهما القول حتى وقع بينهما الصلح على أن توضع الحرب عشر سنين وأن يؤمن بعضهم بعضًا وأن يرجع عنهم عامهم (فقال) سهيل (هات) بكسر التاء (اكتب بيننا وبينكم كتابًا
فدعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكاتب) هو عليّ بن أبي طالب