للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعمل به إلاّ عملت به فإني أخشى إن تركت شيئًا) بكسر همزة إن تركت (من أمره أن أزيغ) بفتح الهمزة وكسر الزاي وبعد التحتية الساكنة عين معجمة أي أن أميل عن الحق إلى غيره.

قالت عائشة: (فأما صدقته) (بالمدينة فدفعها عمر) بن الخطاب (إلى عليّ وعباس) لينتفعا منها بقدر حقهما لا على جهة التمليك (فأما) بالفاء ولأبي ذر: وأما (خيبر) أي الذي يخص النبي منها (وفدك فأمسكهما عمر) ولم يدفعهما لغيره (وقال: هما صدقة رسول الله كانتا لحقوقه التي تعروه) أي التي تنزل به (ونوائبه) أي الحوادث التي تصيبه (وأمرهما إلى من ولي الأمر) بعده فكان أبو بكر يقدم نفقة أمهات المؤمنين وغيرها مما كان يصرفه فيصرفه من مال خيبر وفدك وما فضل عن ذلك جعله في المصالح وعمل عمر بعده بذلك فلما كان عثمان تصرف في فدك بحسب ما رأى فأقطعها لمروان لأنه تأول أن الذي يختص به يكون للخليفة بعده فاستغنى عثمان عنها بأمواله فوصل بها بعض أقاربه.

(قال) الزهري حين حدث بهذا الحديث (فهما) أي الذي كان يخصه من خيبر وفدك (على ذلك) يتصرف فيهما من ولي الأمر (إلى اليوم) .. وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي في غزوة خيبر.

(قال أبو عبد الله) البخاري مفسرًا لقوله في الحديث تعروه بما في القرآن من قوله تعالى: أن نقول إلا (اعتراك افتعلت) بسكون اللام وفتح الفوقية أي أنه من باب الافتعال وأصله (من عروته فأصبته ومنه يعروه واعتراني) وهذا وقع في المجاز لأبي عبيدة وسقط قوله قال أبو عبد الله إلى آخره لابن عساكر، وزاد أبو ذر في رواية الحموي هنا ترجمة فقال قصة فدك وهي زيادة مستغنى عنها بما سبق في الحديث المتقدم.

٣٠٩٤ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ -وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَقَالَ مَالِكٌ-: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِي حِينَ مَتَعَ النَّهَارُ، إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَأْتِينِي فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى

أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ: يَا مَالِ إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ، فَاقْبِضْهُ، فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَمَرْتَ لَه غَيْرِي. قَالَ: فاقْبِضْهُ أَيُّهَا الْمَرْءُ. فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَسْتَأْذِنُونَ. قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا، فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا. ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَأ يَسِيرًا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَدَخَلَا، فَسَلَّمَا فَجَلَسَا فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا -وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ مالِ بَنِي النَّضِيرِ- فَقَالَ الرَّهْطُ -عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ- يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فقَالَ عُمَرُ: تَيْدَكُمْ؛ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ؟ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ فِي هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ﴾ -إِلَى قَوْلِهِ- ﴿قَدِيرٌ﴾ [الحشر: ٧] فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ، وَوَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، قَدْ أَعْطَاكُمُوهُ وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ. فَعَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ بِذَلِكَ حَيَاتَهُ. أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَ عُمَرُ: ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَكُنْتُ أَنَا وَلِيَّ أَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ وَمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ. ثُمَّ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، جِئْتَنِي يَا عَبَّاسُ تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا -يُرِيدُ عَلِيًّا- يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا. فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ. فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا. فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا، فَبِذَلِكَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا. فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ

ذَلِكَ؟ فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَىَّ، فَإِنِّي أَكْفِيكُمَاهَا".

وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن محمد الفروي) بفتح الفاء وسكون الراء وكسر الواو القرشي المدنيّ الأموي قال: (حدّثنا مالك بن أنس) إمام دار الهجرة (عن ابن شهاب) الزهري (عن مالك بن أوس بن الحدثان) بفتح الهمزة وسكون الواو وبالسين المهملة. والحدثان بالحاء والدال المهملتين والمثلثة المفتوحات وبعد الألف نون ابن عوف بن ربيعة النصري بالنون من بني نصر بن معاوية اختلف في صحبته. قال الزهري: (وكان محمد بن جيبر) بضم الجيم وفتح الموحدة ابن مطعم (ذكر لي ذكرًا من حديثه ذلك) أي الآتي ذكره (فانطلقت حتى أدخل) بالنصب أي إلى أن أدخل والرفع على أن تكون عاطفة ورجح ابن مالك النصب (على مالك بن أوس فسألته عن ذلك الحديث فقال مالك: بينا) بغير ميم ولأبي ذر: بينما (أنا جالس في أهلي حين متع النهار) بميم ففوقية فعين مهملة مفتوحات اشتد حره وارتفع وطال وجواب بينما قوله (إذا رسول عمر بن الخطاب) يحتمل أن يكون الرسول يرفأ الحاجب (يأتيني فقال؛ أجب أمير المؤمنين فانطلقت معه حتى أدخل) بالنصب والرفع (على عمر فإذا هو جالس على رمال سرير) بكسر راء رمال وقد تضم ما ينسج من سعف النخل ونحوه (ليس بينه وبينه فراش متكئ على وسادة من أدم فسلمت عليه ثم جلست فقال: يا مالِ) بكسر اللام على اللغة المشهورة أي يا مالك على الترخيم ويجوز الضم على أنه صار اسمًا مستقلاً فيعرب إعراب المنادى المفرد (إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات) من بني نصر بن معاوية بن أبي بكر بن هوازن وكان قد أصابهم جدب في بلادهم فانتجعوا المدينة (وقد أمرت لهم) والذي في الفرع وأصله فيهم (برضخ) بفتح الراء وسكون الضاد آخره خاء معجمتين أي بعطية قليلة غير مقدرة (فاقبضه) بكسر الموحدة (فاقسمه بينهم. فقلت: يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري) أي بأن يدفع الرضخ لهم غيري وفي رواية أبي ذر عن الحموي والمستملي له باللام بدل به بالموحدة ولعله قال ذلك تحرجًا من قبول الأمانة (قال) عمر (اقبضه) ولأبي ذر: فاقبضه (أيها المرء)

<<  <  ج: ص:  >  >>