لم يبين هل قبضه أم لا والظاهر أنه قبضه لعزم عمر عليه (فبينا) بغير ميم ولأبي ذر؛ فبينما (أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ) بمثناة تحتية مفتوحة فراء ساكنة ثم فاء فألف وقد تهمز. قال الحافظ ابن حجر: وهي روايتنا من طريق أبي ذر: وكان يرفأ من موالي عمر أدرك الجاهلية ولا يعرف له صحبة (فقال: هل لك) رغبة (في عثمان) بن عفان (وعبد الرحمن بن عوف والزبير) بن العوّام (وسعد بن أبي وقاص) زاد النسائي وعمر بن شبة من طريق عمرو بن دينار عن ابن شهاب على الأربعة طلحة بن عبيد الله حال كونهم (يستأذنون؟) في الدخول عليك (قال: نعم. فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا ثم جلس يرفأ يسيرًا ثم قال: هل لك في عليّ وعباس) زاد شعيب في روايته في المغازي يستأذنان (قال) عمر ﵁: (نعم. فأذن لهما) بفتح الهمزة وكسر الذال المعجمة (فدخلا فسلما فجلسا فقال عباس) لعمر: (يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا) أي عليّ (وهما يختصمان) أي يتنازعان ويتجادلان (فيما أفاء الله على رسوله ﷺ)
مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب (من بني النضير) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: من مال بني النضير (فقال الرهط عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر. قال): ولأبي ذر: فقال (عمر: تيدكم)، بفتح المثناة الفوقية وسكون التحتية ونصب الدال على وزن فاجمعوا كيدكم وليس في الفرع غيرها، ونسبها عياض للقابسي وعبدوس، وحكى سيبويه عن بعض العرب بيس فلان بفتح الموحدة. قال عياض: فالياء يعني التحتية مسهلة من همزة والتاء يعني الفوقية مبدلة من واو لأنه في الأصل وأدة اهـ.
فالنصب على المصدر والتقدير تيدوا تيدكم، ولأبي ذر: تئدكم بفتح المثناة وهمزة مكسورة.
قال في الفتح: وفتح الدال وضبطها غيره بالقلم بإسكانها وآخر بالقلم أيضًا برفعها وللأصيلي تئدكم، بكسر أوّله وضم الدال مع الهمزة المفتوحة وضبطها بعضهم بالقلم بسكون الدال، وعند بعضهم تيدكم بكسر الفوقية كأنه مصدر تاد يتيد فترك همزه. قال في القاموس: التيد الرفق يقال تيدك يا هذا أي: اتئد وتيدك زيدًا أي أمهله اما مصدر والكاف مجرورة أو اسم فعل والكاف للخطاب. وقال ابن مالك: لا يكون إلا اسم فعل، ويقال: تيد زيد اهـ.
والمعنى هنا اصبروا وأمهلوا على رسلكم (أنشدكم) بفتح الهمزة وضم الشين أي أسألكم (بالله الذي بإذنه تقوم السماء) فوق رؤوسكم بغير عمد (والأرض) على الماء تحت أقدامكم (هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: لا نورث) معاشر الأنبياء (ما تركنا صدقة) بالرفع خبر المبتدأ الذي هو ما الموصولة وتركنا صلته والعائد محذوف أي الذي تركناه صدقة (يريد رسول الله ﷺ نفسه) وكذا غيره من الأنبياء بدليل قوله في الرواية الأخرى: "إنا معاشر الأنبياء" فليس خاصًّا به ﵊، وأما قول زكريا: ﴿يرثني ويرث من آل يعقوب﴾ [مريم: ٦]. وقوله: ﴿وورث سليمان داود﴾ [النحل: ١٦]. فالمراد ميراث العلم والنبوة والحكمة.
(قال الرهط): عثمان وأصحابه (قد قال)﵊(ذلك. فأقبل عمر على عليّ وعباس)﵃(فقال: أنشدكما الله) بإسقاط حرف الجر وسقط لفظ الجلالة لأبي ذر (أتعلمان أن رسول الله ﷺ قد قال ذلك؟) أي: لا نورث ما تركنا صدقة (قالا: قد قال ذلك) وسقطت هذه الجملة من قوله قالا لأبي ذر (قال عمر: فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله قد خص رسوله ﷺ في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره ثم قرأ: ﴿وما أفاء الله على رسوله منهم﴾ إلى قوله: ﴿قدير﴾ [الحشر: ٦]. (فكانت هذه) أي بني النضير وخيبر وفدك (خالصة لرسول الله ﷺ) لا حق لأحد فيها غيره فكان ينفق منها نفقته ونفقة أهله ويصرف الباقي في مصالح المسلمين. هذا مذهب الجمهور. وقال الشافعي: يقسم الفيء خمسة أقسام كما مرّ مفصلاً، وتأول عمر هذا بأنه يريد الأخماس الأربعة (والله) ولأبي ذر: ووالله (ما احتازها)