للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(حسبان: جماعة الحساب) بالتعريف لأبوي ذر والوقت (مثل شهاب وشهبان). وهذا قول أبي عبيدة في المجاز والمعنى يجريان متعاقبين بحساب معلوم

مقدر في بروجهما ومنازلهما وتتسق أمور الكائنات السفلية وتختلف الفصول والأوقات وتعلم السنون والحساب.

(ضحاها) في قوله: ﴿والشمس وضحاها﴾ [الشمس: ١]. قال مجاهد فيما وصله عبد بن حميد (ضؤوها) أي: إذا أشرقت (أن تدرك القمر)، يريد ﴿لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر﴾ [يس: ٤٠]. قال مجاهد فيما وصله الفريابي في تفسيره (لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي لهما) أي لا يصح لهما (ذلك). وقال عكرمة، لكل منهما سلطان فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل ولا يستقيم لوقوع التدبير على المعاقبة، وما ألطف قول ابن الجوزي وقد وصف منافع أثر الشمس في العالم على سبيل التذكير والتعريف بصنع الله الحكيم اللطيف حيث قال: تبرز الشمس بالنهار في حلة الشعاع لانتفاع البصر فإذا ذهب النهار نشرت رداءها المعصفر ونزلت عن الأشهب فركبت الأصفر فهي تستر بالليل لسكون الخلق وتظهر بالنهار لمعايشهم، فتارة تبعد ليرطب الجوّ وينعقد الغيم ويبرد الهواء ويبرز النبات، وتارة تقرب ليجف الحب وينضج الثمر.

وقوله: (سابق النهار) يريد قوله تعالى: ﴿وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ﴾ [يس: ٤٠]. قال مجاهد فيما وصله الفريابي أيضًا (يتطالبان حثيثان) أي سريعان ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر حثيثين بالنصب بالياء أي فلا تسبق آية الليل آية النهار وهما النيران (نسلخ): أي (نخرج أحدهما من الآخر)، قال ابن كثير: والمعنى في هذا أنه لا فترة بين الليل والنهار بل كل منهما يعقب الآخر بلا مهلة ولا تراخ لأنهما مسخران دائبين يتطالبان طلبًا حثيثًا. وقال في الانتصاف: يؤخذ من قوله تعالى: ﴿ولا الليل سابق النهار﴾ أن النهار تابع لليل إذ جعل الشمس التي هي آية النهار غير مدركة للقمر الذي هو آية الليل فنفى الإدراك الذي يمكن أن يقع وهو يستدعي تقدم القمر وتبعية الشمس، فإنه لا يقال أدرك السابق اللاحق لكن يقال: أدرك اللاحق السابق، فالليل إذًا متبوع والنهار تابع.

فإن قيل: فالآية مصرحة بأن الليل لا يسبق النهار. فجوابه: أنه مشترك الإلزام إذ الأقسام المحتملة ثلاثة إما تبعية النهار لليل كمذهب الفقهاء أو عكسه وهو منقول عن طائفة من النحاة واجتماعهما، فهذا القسم الثالث منفي بالاتفاق فلم يبق إلا تبعية النهار لليل وعكسه والسؤال وارد عليهما لا سيما من قال: إن النهار سابق الليل يلزم من طريق البلاغة أن يقول ولا الليل يدرك النهار فإن المتأخر إذا نفي إدراكه كان أبلغ من نفي سبقيته مع أنه ناء عن قوله: ﴿لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر﴾ [يس: ٤٠]. نأيًا ظاهرًا فالتحقيق أن المنفي السبقية الموجبة لتراخي النهار عن الليل وتخلل زمن آخر بينهما فيثبت التعاقب، وحينئذ يكون القول بسبق الليل مخالفًا لصدر الآية. فإن عدم الإدراك الدال على التأخر والتبعية وبين السبق بونًا بعيدًا ولو كان تابعًا متأخرًا لكان حريًّا أن يوصف بعدم الإدراك ولا يبلغ به عدم السبق فتقدم الليل على النهار مطابق لصدر الآية صريحًا ولعجزها بتأويل حسن اهـ.

ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ينسلخ يخرج بلفظ المضارع فيهما ويخرج بالتحتية المفتوحة وضم الراء.

(ويجري) بضم أوله وكسر ثالثه (كل واحد منهما). أي من الليل والنهار في فلك، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ويجري كل منهما بفتح أول يجري وكسر رائه وكل بالرفع منوّنًا.

(واهية): يشير إلى قوله تعالى: ﴿فهي يومئذ واهية﴾ [الحاقة: ١٦]. قال الفراء (وهيها) بسكون الهاء (تشققها). وقوله والملك على (أرجائها) أي (ما لم ينشق منها، فهي) أي الملائكة (على حافتيه) بالتثنية ولأبي ذر فهو أي الملك ولابن عساكر فهم جمع باعتبار الجنس وللكشميهني على حافتيها أي السماء وعن سعيد بن جبير على حافات الدنيا (كقولك: على أرجاء البئر) والأرجاء جمع رجا بالقصر، وقوله تعالى: (﴿اغطش﴾) [النازعات: ٢٩]. ليلها (﴿و﴾) قوله: (﴿فلما﴾ ﴿جنَّ﴾) [الأنعام: ٧٦] عليه الليل أي (أظلم)، فيهما

<<  <  ج: ص:  >  >>