للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقل تفسير الأول به عن قتادة فيما أخرجه عبد بن حميد والثاني عن أبي عبيدة.

(وقال الحسن) البصري فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: ﴿إذا الشمس﴾ (﴿كورت﴾) [التكوير: ١] (تكوّر) بفتح الواو المشددة (حتى يذهب ضؤوها) وأخرج الطبري عن ابن عباس ﴿كورت﴾ أي أظلمت. وعن مجاهد اضمحلت. والتكوير في الأصل الجمع وحينئذ فالمراد أنها تلف ويرمى بها فيذهب ضوءها قاله ابن كثير في تفسيره.

(﴿والليل وما وسق﴾) [الانشقاق: ١٧]. ولابن عساكر يقال: وسق أي (جمع من دابة) وزاد قتادة ونجم وقال عكرمة ما ساق من ظلمة. (اتسق) يريد قوله تعالى: ﴿والقمر إذا اتسق﴾ [الانشقاق: ١٨] أي (استوى) وقوله تعالى: ﴿جعل في السماء﴾ ﴿بروجًا﴾ [الفرقان: ٦١]. أي (منازل الشمس والقمر) وهي اثنا عشر، وقيل هي قصور في السماء للحرس، وقيل هي الكواكب العظام.

(﴿الحرور﴾) ولأبي ذر فالحرور بالفاء يريد قوله تعالى: ﴿ولا الظل ولا الحرور﴾ [فاطر: ٢١]. فسره بأنه يكون (بالنهار مع الشمس). قاله أبو عبيدة. (وقال ابن عباس الحرور): ولأبي ذر وابن عساكر وقال ابن عباس ورؤبة بضم الراء وسكون الهمزة وفتح الموحدة ابن العجاج: الحرور (بالليل، والسموم بالنهار) وتفسير رؤبة ذكره أبو عبيدة عنه في المجاز (يقال: يولج) أي (يكوّر) بالراء أي يلف النهار في الليل (وليجة)، يريد قوله تعالى: ﴿ولا المؤمنين وليجة﴾ [التوبة: ١٦]. وفسره بقوله (كل شيء أدخلته في شيء) هو قول أبي عبيدة وزاد بعد قوله في شيء ليس منه فهو وليجة والمعنى لا تتخذوا وليًّا ليس من المسلمين.

٣١٩٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ لأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: أتَدْرِي أَيْنَ

تَذْهَبُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنَ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا، فيُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا. فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [يس: ٣٨] ".

[الحديث ٣١٩٩ - أطرافه في: ٤٨٠٢، ٤٨٠٣، ٧٤٢٤، ٧٤٣٣].

وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) قال: (حدّثنا سفيان بن الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم التيمي عن أبيه) يزيد من الزيادة ابن شريك بن طارق التيمي الكوفي (عن أبي ذر) جندب بن جنادة () أنه (قال: قال النبي لأبي ذر حين غربت الشمس):

(تدري) بحذف همزة الاستفهام والغرض منه إعلامه بذلك، ولأبي ذر: أتدري (أين تذهب) زاد في التوحيد: هذه (قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش) منقادة لله تعالى انقياد الساجد من المكلفين أو تشبيهًا لها بالساجد عند غروبها.

قال ابن الجوزي: ربما أشكل هذا الحديث على بعض الناس من حيث إنّا نراها تغيب في الأرض، وفي القرآن العظيم أنها تغيب في عين حمئة أي ذات حمأة أي طين فأين هي من العرش؟ والجواب: أن الأرضين السبع في ضرب المثال كقطب رحى والعرش لعظم ذاته بمثابة الرحى فأينما سجدت الشمس سجدت تحت العرش وذلك مستقرها. وقال ابن العربي: أنكر قوم سجودها وهو صحيح ممكن لا يحيله العقل وتأوّله قوم على التسخير الدائم ولا مانع أن تخرج عن مجراها فتسجد ثم ترجع اهـ.

وتعقبه في الفتح: بأنه إن أراد بالخروج الوقوف فواضح وإلاّ فلا دليل على الخروج. قال ابن كثير: وقد حكى ابن حزم وابن المناوي وغير واحد من العلماء الإجماع على أن السماوات كرية مستديرة، واستدلّ لذلك بقوله: ﴿في فلك يسبحون﴾ [يس: ٤٠] قال الحسن، يدورون. وقال ابن عباس: في فلكة مثل فلكة المغزل، ولا تعارض بين هذا وبين الحديث وليس فيه أن الشمس تصعد إلى فوق السماوات حتى تسجد تحت العرش بل هي تغرب عن أعيننا وهي مستمرة في فلكها الذي هي فيه وهو الرابع فيما قاله غير واحد من علماء التسيير وليس في الشرع ما ينفيه، بل في الحس وهو الكسوفات ما يدل عليه ويقتضيه. فإذا ذهبت فيه حتى تتوسطه وهو وقت نصب الليل مثلاً في اعتدال الزمان فإنها تكون أبعد ما تكون تحت العرش لأنها تغيب من جهة وجه العالم، وهذا محل سجودها كما يناسبها كما أنها أقرب ما تكون من العرش وقت الزوال من جهتنا فإذا كانت في محل سجودها (فتستأذن) عطف على المنصوب السابق بحتى في الطلوع من المشرق على عادتها (فيؤذن لها)، فتبدو من جهة المشرق وهي مع ذلك كارهة لعصاة بني آدم أن تطلع عليهم وهو يدل على أنها تعقل كسجودها (ويوشك) بكسر المعجمة أي يقرب (أن تسجد فلا يقبل منها)، أي لا يؤذن لها أن تسجد (وتستأذن) في المسير إلى مطلعها (فلا يؤذن لها، يقال)

ولأبي ذر عن

<<  <  ج: ص:  >  >>