مما ذكره من معارضة القرآن مرتين وفي رواية عروة الجزم بأنه ميت من وجعه ذلك (وإنك أول أهل بيتي لحاقًا) بفتح اللام والحاء المهملة (فبكيت) لذلك الذي قاله من حضور أجلي وأنك أول أهل بيتي موتًا بعدي (فقال): ﵊:
(أما) بتخفيف الميم (ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة) دخل فيه أخواتها وأمها وعائشة ﵁، قيل: وإنما سادتهن لأنهن متن في حياته ﷺ فكن في صحيفته، ومات أبوها وهو سيد العالمين فكان في صحيفتها وميزانها، وقد روى البزار عن عائشة ﵂ أنه ﵊ قال: "فاطمة خير بناتي إنها أصيبت بي فحق لمن كانت هذه حالتها أن تسود نساء
أهل الجنة". وقد سئل أبو بكر بن داود من أفضل خديجة أم فاطمة؟ فقال: إن رسول الله ﷺ قال: إن فاطمة بضعة مني فلا أعدل ببضعة من رسول الله ﷺ أحدًا. وحسن هذا القول السهيلي واستشهد لصحته بأن أبا لبابة حين ربط نفسه وحلف أن لا يحله إلا رسول الله ﷺ جاءت فاطمة لتحلّه فأبى من أجل قسمه فقال رسول الله ﷺ: "إنما فاطمة بضعة مني فحلّته" وهو تقرير حسن، لكن قوله لأنهن متن في حياته منتقض بأن عائشة لم تمت في حياته بل بعده في أيام معاوية بن أبي سفيان، وقد يقال أن قوله: (أو) سيدة (نساء المؤمنين) بالشك من الراوي يضعف الاستدلال بالسابق مع ما يتبادر إليه الذهن من أن المراد من لفظ المؤمنين غير النبي ﷺ فلا يدخل أزواجه ودخول المتكلم في عموم كلامه مختلف فيه كما لا يخفى (فضحكت لذلك) الذي قاله وهو: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الاستئذان وفضائل القرآن ومسلم في الفضائل والنسائي في الوفاة والمناقب.
٣٦٢٥ - حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: "دَعَا النَّبِيُّ ﷺ فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ الَّتي قُبِضَ فِيها، فَسَارَّهَا بِشَىْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قَالَتْ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي والعين المهملة الحجازي المدني المؤذن قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين (عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن عروة) بن الزبير بن العوّام بسكون العين (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: دعا النبي ﷺ فاطمة ابنته في شكواه) أي مرضه (الذي قبض فيه) ولأبي ذر عن الكشميهني في شكواه التي قبض فيها (فسارّها بشيء فبكت ثم دعاها فسارّها فضحكت. قالت): عائشة ﵂ (فسألتها عن ذلك) لم يقل عروة في روايته هذه ما سبق في رواية مسروق فقالت: ما كنت لأفشي سرّ رسول الله ﷺ الخ. بل قال: بعد قوله فسألتها عن ذلك.
٣٦٢٦ - "فَقَالَتْ: سَارَّنِي النَّبِيُّ ﷺ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ".
(فقالت): أي فاطمة (سارّني النبي ﷺ) بتشديد راء سارني (فأخبرني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت) لذلك (ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه) بفتح الهمزة وسكون الفوقية وفتح الموحدة (فضحكت) لذلك، وقد اتفقت الروايتان على أن بكاءها لإعلامه إياها موته، وضم مسروق لذلك كونها أول أهله لحاقًا به، واختلف في سبب ضحكها ففي رواية مسروق إخباره إياها أنها سيدة نساء أهل الجنة، ورواية عروة كونها أول أهله لحاقًا به، ورجح في الفتح رواية مسروق لاشتمالها على زيادة ليست في رواية عروة وهو من الثقات الضابطين.
ومطابقة الحديث للترجمة إخباره ﷺ بما سيقع فوقع كما قال، فإنهم اتفقوا على أن فاطمة ﵂ كانت أول من مات من أهل بيته المقدس بعده حتى من أزواجه ﵅.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي ومسلم في فضائل فاطمة والنسائي في المناقب.
٣٦٢٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ يُدْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ؛ فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ، فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: ١] فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ".
[الحديث ٣٦٢٧ - أطرافه في ٤٢٩٤، ٤٤٣٠، ٤٩٦٩، ٤٩٧٠].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عرعرة) بعينين مهملتين مفتوحتين بينهما راء ساكنة وبعد الثانية أخرى مفتوحة ابن البرند بكسر الموحدة والراء وسكون النون بعدها دال مهملة ابن النعمان السامي بالسين المهملة القرشي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي بشر) بالموحدة المكسورة والمعجمة الساكنة جعفر بن أبي وحشية (عن سعيد بن جبير عن ابن