للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباس) -رضي الله عنهما- أنه (قال: كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يدني) أي يقرب (ابن عباس) يريد نفسه ففيه التفات (فقال له عبد الرحمن بن عوف) الزهري لعمر (إن لنا أبناء) بالتنوين (مثله) في السن فلم تدنهم (فقال): عمر (إنه من حيث تعلم) من جهة علمه، ولأبي ذر فقال: إنه من كنت تعلم (فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية) {إذا جاء نصر الله والفتح} [النصر: ١] ليريهم علمه وذكاءه (فقال): ابن عباس هو (أجل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعلمه) الله (إياه فقال): عمر لابن عباس (ما أعلم منها إلا ما تعلم).

قال العيني: ومطابقة هذا الحديث للترجمة في قوله أعلمه إياه أي أعلم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابن عباس أن هذه السورة في أجله عليه الصلاة والسلام وهو إخبار قبل وقوعه فوقع كما قال كذا قال فليتأمل.

وفي حديث جابر عند الطبراني لما نزلت هذه السورة قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "نعيت إليّ نفسي".

فقال له جبريل: {وللآخرة خير لك من الأولى} [الضحى: ٤].

وحديث الباب أخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي والتفسير والترمذي في التفسير وقال: حسن، وتأتي مباحثه في محالها إن شاء الله تعالى.

٣٦٢٨ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ

مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ. فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-».

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن سليمان بن حنظلة بن الغسيل) المعروف بغسيل الملائكة قال: (حدّثنا عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من الحجرة إلى المسجد (في مرضه الذي مات فيه بملحفة) بكسر الميم وفتح الحاء المهملة مرتديًا بها على منكبيه (قد عصب) بتشديد الصاد المهملة في الفرع وأصله أي رأسه (بعصابة دسماء) سوداء (حتى جلس على المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال):

(أما بعد فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار) هو من الأخبار بالمغيبات فإن الناس كثروا وقلّ الأنصار كما قال عليه الصلاة والسلام (حتى يكونوا في الناس بمنزلة الملح في الطعام) قال الكرماني: وجه التشبيه الإصلاح بالقليل دون الإفساد بالكثير أو كونه قليلاً بالنسبة إلى سائر أجزاء الطعام (فمن ولي منكم شيئًا يضر فيه) أي في الذي وليه (قومًا وينفع فيه آخرين فليقبل من محسنهم) الحسنة (ويتجاوز) بالجزم عطفًا على فليقبل أي فليعف (عن مسيئهم) السيئة أي في غير الحدود. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (فكان ذلك آخر مجلس جلس به) أي بالمنبر ولأبي ذر فيه (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

وقد مرّ الحديث في باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد من كتاب الجمعة.

٣٦٢٩ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه-: «أَخْرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ الْحَسَنَ فَصَعِدَ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا يحيى بن آدم) الكوفي صاحب الثوري قال: (حدّثنا حسين الجعفي) بضم الجيم وسكون العين المهملة وكسر الفاء (عن أبي موسى) إسرائيل بن موسى البصري (عن الحسن) البصري (عن أبي بكرة) بفتح الموحدة وسكون الكاف نفيع بن الحرث الثقفي (-رضي الله عنه-) أنه (قال: أخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم الحسن) بن علي -رضي الله عنهما- (فصعد به المنبر) بكسر عين صعد (فقال): والحسن إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى:

(ابني هذا سيد) كفاه شرفًا وفضلاً تسمية سيد البشر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له سيدًا، وفيه أن ابن البنت يطلق عليه ابن ولا اعتبار يقول الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد

نعم هذا باعتبار الحقيقة والأول باعتبار المجاز. (ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين) أي طائفتين. طائفة معاوية بن أبي سفيان وطائفة الحسن، وكانت أربعين ألفًا بايعوه على الموت، وكان الحسن أحق الناس بهذا الأمر فدعاه ورعه إلى ترك الملك رغبة فيما عند الله ولم يكن ذلك لعلة ولا لقلة. وقوله: من المسلمين دليل على أنه لم يخرج أحد من الطائفتين في تلك الفتنة من قول أو فعل عن الإسلام إذ إحدى الطائفتين مصيبة والأخرى مخطئة مأجورة، وقد اختار السلف ترك الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>