في الفتنة الأولى وقالوا: تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوّث بها ألسنتنا.
ومرّ هذا الحديث في الصلح.
٣٦٣٠ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَعَى جَعْفَرًا وَزَيْدًا قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمْ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ".
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم الجهضمي البصري (عن أيوب) السختياني (عن حميد بن هلال) البصري (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نعى) بفتحتين (جعفرًا) هو ابن أبي طالب (وزيدًا) هو ابن حارثة أي أخبره بقتلهما (قبل أن يجيء خبرهم) أي خبر أهل مؤتة أو خبر قتل جعفر وزيد ومن قتل معهما (وعيناه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (تذرفان) بالذال المعجمة وكسر الراء تسيلان بالدمع والواو في وعيناه للحال.
وهذا الحديث يأتي في غزوة مؤتة إن شاء الله تعالى.
٣٦٣١ - حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَلْ لَكُمْ مِنْ أَنْمَاطٍ؟ قُلْتُ: وَأَنَّى يَكُونُ لَنَا الأَنْمَاطُ؟ قَالَ: أَمَا وإِنَّها سَتَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ. فَأَنَا أَقُولُ لَهَا -يَعْنِي امْرَأَتَهُ- أَخِّرِي عَنِّا أَنْمَاطَكِ، فَتَقُولُ: أَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ، فَأَدَعُهَا». [الحديث ٣٦٣١ - طرفه في: ٥١٦١].
وبه قال: (حدّثنى) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عمرو بن عباس) بفتح العين وسكون الميم وعباس بالموحدة والسين المهملة أبو عثمان البصري قال: (حدّثنا ابن مهدي) عبد الرحمن الأزدي البصري قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير بالتصغير التيمي المدني (عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري (-رضي الله عنه-) وعن أبيه أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي لجابر رضي الله عنه لما تزوج:
(هل لكم من أنماط؟) بفتح الهمزة وسكون النون آخره طاء مهملة ضرب من البسط له خمل رقيق واحده نمط. قال جابر -رضي الله عنه- (قلت: وأنّى) أي ومن أين (يكون لنا الأنماط؟ قال):
صلوات الله وسلامه عليه (أما) بالتخفيف (أنه سيكون) ولأبي ذر: أنها ستكون (لكم الأنماط) قال جابر -رضي الله عنه- (فأنا أقول لها يعني امرأته) سهلة بنت سعد بن أوس بن مالك الأنصارية الأوسية كما ذكره ابن سعد (أخري) بهمزة مفتوحة فخاء معجمة وراء مكسورتين (عنا أنماطك) كذا في الفرع عنا بفتحتين وفي اليونينية وغيرها عني بكسر النون فتحتية (فتقول) أي امرأته (ألم يقل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (إنها ستكون لكم الأنماط) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي استدلالها على اتخاذ الأنماط بإخباره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأنها ستكون نظر لأن الإخبار بأن الشيء سيكون لا يقتضي إباحته إلا إن استند المستدل به إلى التقرير فيقول: أخبر الشارع بأنه سيكون ولم ينه عنه فكأنه أقرّه، وفي مسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزاته فأخذت نمطًا فنشرته على الباب فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه حتى هتكه أو قطعه فقال: "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين". قالت فقطعت منه وسادتين فلم يعب ذلك علي فيؤخذ منه أن الأنماط لا يكره اتخاذها لذاتها بل لما يصنع بها. قال جابر: (فأدعها) أي أترك الأنماط بحالها مفروشة، ويأتي في النكاح باب الأنماط ونحوه للنساء إن شاء الله تعالى.
٣٦٣٢ - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا، قَالَ: فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَبِي صَفْوَانَ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّامِ فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: أَلا انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَغَفَلَ النَّاسُ انْطَلَقْتُ فَطُفْتُ؟ فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: أَنَا سَعْدٌ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِنًا وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَتَلَاحَيَا بَيْنَهُمَا. فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي. ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ. قَالَ: فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ -وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ- فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَالَ: دَعْنَا عَنْكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ. قَالَ: إِيَّاىَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ. فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمِينَ مَا قَالَ لِي أَخِي الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الصَّرِيخُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَمَا ذَكَرْتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَ: فَأَرَادَ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ الْوَادِي، فَسِرْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَسَارَ مَعَهُمْ يَوْمَيْنِ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ". [الحديث ٣٦٣٢ - طرفه في: ٣٩٥٠].
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (أحمد بن إسحاق) بن الحصين السلمي السرماري قال: (حدّثنا عبد الله) بفتح العين في الفرع وبضمها مصغرًا في أصله وهو الصواب (ابن موسى) بن باذام العبسي الكوفي قال: (حدّثنا إسرائيل) بن يونس (عن) جده (أبي إسحاق)
عمرو بن عبد الله السبيعي (عن عمرو بن ميمون) بفتح العين الأزدي الكوفي أدرك الجاهلية (عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-) أنه (قال: انطلق سعد بن معاذ) الأنصاري الأشهلي من المدينة حال كونه (معتمرًا قال: فنزل) حين دخوله مكة للعمرة (على أمية بن خلف) بالتنوين (أبي صفوان) هي كنية أمية، وكان من كبار المشركين (وكان أمية إذا انطلق إلى الشام) للتجارة (فمرّ بالمدينة) طيبة لأنها طريقه (نزل على سعد) أي ابن معاذ المذكور (فقال أمية لسعد): لما قال له سعد: انظر لي ساعة خلوة لعلّي أن أطوف بالبيت (انتظر) ولأبي ذر عن الكشميهني: ألا انتظر بتخفيف اللام للاستفتاح (حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس) فطف به (انطلقت فطفت) بتاء المتكلم المضمومة في الفرع وغيره من الأصول المعتمدة التي وقفت عليها أي قال سعد: فلما غفل الناس