رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما انصرف) بعد الصلاة (تعرضوا له فتبسم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين رآهم ثم قال) لهم:
(أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء قالوا: أجل) أي نعم (يا رسول الله قال: (فأبشروا وأملوا) بقطع الهمزة فيهما وكسر الميم في الثاني مشدّدة من غير مدّ من التأميل (ما يسركم فوالله ما الفقر) نصب بقوله (أخشى عليكم ولكني) بالتحتية بعد النون ولأبي ذر ولكن بحذفها (أخشى) عليكم (أن تبسط عليكم) أي بسط (الدنيا كما بسطت على من قبلكم) وللأصيلي وابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني من كان قبلكم (فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم). وفي إسناد هذا الحديث تابعيان وصحابيان.
وسبق في باب الجزية والموادعة.
٤٠١٦ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كُلَّهَا.
حَتَّى حَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ الْبَدْرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ فَأَمْسَكَ عَنْهَا.
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي عارم قال: (حدّثنا جرير بن حازم) أي ابن زيد بن عبد الله الأزدي (عن نافع) مولى ابن عمر (أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يقتل الحيات كلها حتى حدثه أبو لبابة) بضم اللام وتخفيف الموحدة الأولى بشير بن عبد المنذر وقيل رفاعة بن عبد المنذر الأنصاري (البدري) -رضي الله عنه- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن قتل جنان البيوت) بكسر الجيم وتشديد النون جمع جان وهي الحية البيضاء أو الرقيقة أو الصغيرة (فأمسك عنها).
وسبق الحديث في كتاب بدء الخلق.
٤٠١٨ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُو: اائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لاِبْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ قَالَ: «وَاللَّهِ لَا تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا».
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إبراهيم بن المنذر) بن عبد الله بن المنذر الحزامي بالزاي قال: (حدّثنا محمد بن فليح) بضم الفاء مصغرًا ابن سليمان الأسلمي أو الخزاعي المدني (عن موسى بن عقبة) الأسدي مولى آل الزبير الإمام في المغازي (قال ابن شهاب): محمد بن مسلم الزهري (حدّثنا أنس بن مالك أن رجالاً من الأنصار) ممن شهدوا وقعة بدر ولم يسموا (استأذنوا رسول الله) ولأبي ذر: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما أسر العباس وكان الذي أسره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري ولما شد وثاقه أنَّ فسمعه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يأخذه النوم فأطلقوه ثم طلبوا تمام رضاه عليه الصلاة والسلام (فقالوا: ائدن لنا فلنترك) بنون الجمع والجزم ولام التأكيد أي أن تأذن فلنترك (لابن أختنا عباس فداءه) بكسر الفاء ممدودًا وأم العباس ليست من الأنصار بل جدته أم عبد المطلب منهم فأطلقوا عليها لفظ الأخوة (قال) عليه الصلاة والسلام:
(والله لا تذرون) بالذال المعجمة المفتوحة أي لا تتركون (منه) من الفداء ولأبي ذر عن الكشميهني لا تذرون له (درهمًا) وعند ابن إسحاق أنه قال له: يا عباس افد نفسك وابني أخويك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن عمرو فإنك ذو مال. قال: إني كنت مسلمًا ولكن القوم استكرهوني. قال: الله أعلم بما تقول: إن يك ما تقول حقًّا فإن الله يجزيك، ولكن ظاهر الأمر أنك كنت علينا وإنما لم يترك له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لئلا يكون في الدين نوع محاباة.
وسبق الحديث في العتق والجهاد.
٤٠١٩ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ ح وحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ثُمَّ الْجُنْدَعِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ: لِرَسُولِ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلاً مِنَ الْكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ. فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ آقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَقْتُلْهُ» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ:». [الحديث ٤٠١٩ - طرفه في: ٦٨٦٥].
وبه قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل (عن ابن جريج) عبد الملك بن
عبد العزيز (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن عطاء بن يزيد) الليثي (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عدي) بفتحها ابن الخيار القرشي النوفلي (عن المقداد بن الأسود) تبناه الأسود بن عبد يغوث فنسب إليه واسم أبيه عمرو قال المؤلّف -رحمه الله- بالسند المذكور (ح).
(وحدثني) بالإفراد وبإثبات الواو ولأبي ذر (إسحاق) بن منصور الكوسج المروزي قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني نزيل بغداد قال: (حدّثنا ابن أخي ابن شهاب) محمد بن عبد الله (عن عمه) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عطاء بن يزيد الليثي) بالمثلثة (ثم الجندعي) بضم الجيم وسكون النون وبعد الدال المهملة المفتوحة عين مهملة مكسورة (أن عبيد الله) بضم العين (ابن عدي بن الخيار) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف التحتية (أخبره أن المقداد بن عمرو) بفتح العين