للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن ثعلبة بن مالك بن ربيعة (الكندي) بكسر الكاف (وكان حليفًا لبني زهرة) بضم الزاي وسكون الهاء ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (وكان ممن شهد بدرًا مع رسول الله أخبره أنه قال: يا رسول الله) كذا في الفرع والذي في أصله أنه قال لرسول الله : (أرأيت) أي أخبرني (إن لقيت رجلاً من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يديّ بالسيف فقطعها ثم لاذ) بالذال المعجمة أي التجأ واحتضن (مني بشجرة فقال: أسلمت لله) أي دخلت في الإسلام، وفي رواية معمر عن الزهري في هذا الحديث عند مسلم أنه قال: لا إله إلا الله (آقتله يا رسول الله) بهمزة الاستفهام والمد (بعد أن قالها)؟ أي كلمة أسلمت لله (فقال رسول الله ):

(لا تقتله فقال: يا رسول الله إنه قطع إحدى يديّ ثم قال ذلك بعدما قطعها. فقال رسول الله : لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله) لأنه صار مسلمًا معصوم الدم قد جب الإسلام ما كان منه من قطع يدك (وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته) أسلمت لله (التي قالـ) ـها: أي إن دمك صار مباحًا بالقصاص كما أن دم الكافر مباح بحق الدين، فوجه الشبه إباحة الدم وإن كان الموجب مختلفًا، أو أنك تكون آثمًا كما كان هو آثمًا في حال كفره فيجمعكما اسم الإِثم، وإن كان سبب الإثم مختلفًا. أو المعنى إن قتلته مستحلاًّ.

وتعقب بأن استحلاله للقتل إنما هو بتأويل كونه أسلم خوفًا من القتل، ومن ثم لم يوجب النبي قودًا ولا دية وإنما ذلك والله أعلم حيث كان عن اجتهاد ساعده المعنى وبين أن من قالها فقد عصم دمه وماله وقال: هلا شققت عن قلبه إشارة إلى نكتة الجواب، والمعنى والله أعلم أن هذا الظاهر مضمحل بالنسبة إلى القلب لأنه لا يطلع على ما فيه إلا الله، ولعل هذا أسلم حقيقة وإن كان تحت السيف ولا يمكن دفع هذا الاحتمال فحيث وجدت الشهادتان حكم بمضمونهما بالنسبة إلى الظاهر وأمر الباطن إلى الله تعالى، فالإقدام على قتل المتلفظ بهما مع احتمال أنه صادق فيما أخبر به عن ضميره فيه ارتكاب ما لعله يكون ظلمًا له، فالكف عن القتل أولى،

والشارع ليس له غرض في إزهاق الروح بل في الهداية والإرشاد، فإن تعذرت بكل سبيل تعين إرهاق الروح لزوال مفسدة الكفر من الوجود ومع التلفظ بكلمة الحق لم تتعذر الهداية حصلت أو تحصل في المستقبل فمادة الفساد الناشئ عن كلمة الكفر قد زالت بانقياده ظاهرًا ولم يبق إلا الباطن وهو مشكوك ومرجو مآلا، وإن لم يكن حالاً فقد لاح من حيث المعنى وجه قبول الإسلام اهـ. ملخصًا من المصابيح فيما نقله عن التاج ابن السبكي.

وبقية مباحثه تأتي إن شاء الله تعالى في أوّل كتاب الدّيات بعون الله تعالى وقوّته.

٤٠٢٠ - حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ بَدْرٍ «مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ» فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ فَقَالَ آنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ سُلَيْمَانُ: هَكَذَا قَالَهَا أَنَسٌ، قَالَ: آنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟ قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ سُلَيْمَانُ: أَوْ قَالَ قَتَلَهُ قَوْمُهُ. قَالَ وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي.

وبه قال: (حدثني) بالإفراد (يعقوب بن إبراهيم) بن كثير الدورقي قال: (حدّثنا ابن علية) إسماعيل بن إبراهيم وعلية أمه قال: (حدّثنا سليمان) بن طرخان أبو المعتمر (التيمي) قال: (حدّثنا أنس قال: قال رسول الله يوم) وقعة (بدر من ينظر ما صنع أبو جهل) (فانطلق ابن مسعود) (فوجده قد ضربه ابنا عفراء) معاذ ومعوّذ الأنصاريان (حتى برد) بفتحات أي مات (فقال) له ابن مسعود : (آنت) بالمد على الاستفهام (أبا جهل)؟ بالألف بعد الموحدة (قال ابن علية: قال سليمان) بن طرخان (هكذا قالها أنس) (قال: آنت أبا جهل)؟ بالألف بعد الموحدة.

وخرجها القاضي عياض على أنه منادى أي أنت المقتول الذليل يا أبا جهل على جهة التوبيخ والتقريع. وقال الداودي: يحتمل معنيين أن يكون استعمل اللحن ليغيظ أبا جهل كالمصغر له أو يريد أعني أبا جهل، ورده السفاقسي بأن تغييظه في مثل هذه الحالة لا معنى له ثم النصب بإضمار أعني إنما يكون إذا تكررت النعوت، وتعقبه في التنقيح في الأول بأنه أبلغ في التهكم وفي الثاني بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>