دار السلام وأرواح غيرهم لا تشهدها أو لأن الله وملائكته شهدوا لهم بالجنة (﴿والله لا يحب الظالمين﴾) اعتراض بين بعض التعليل وبعض ومعناه: والله لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإيمان المجاهدين في سبيله وهم المنافقون والكافرون (﴿وليمحص الله الذين آمنوا﴾) التمحيص التخليص من الشيء المعيب وقيل هو الابتلاء والاختبار قال:
رأيت فضيلاً كان شيئًا ملففًا … فكشفه التمحيص حتى بدا ليا
(﴿ويمحق الكافرين﴾) ويهلك الكافرين الذين حاربوه ﵊ يوم أُحُد لأنه تعالى لم يمحق كل الكفار بل بقي منهم كثير على كفرهم والمعنى إن كانت الدولة على المؤمنين فللتمييز والاستشهاد والتمحيص وإن كانت على الكافرين فلمحقهم ومحو آثارهم (﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة﴾) أم منقطعة والهمزة فيها للإنكار أي لا تحسبوا (﴿ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم﴾) أي ولما تجاهدوا لأن العلم متعلق بالمعلوم فنزل نفي العلم منزلة نفي متعلقه لأنه منتف بانتفائه تقول ما علم الله في فلان خيرًا أي ما فيه خير حتى يعلمه ولما بمعنى لم إلا أن فيه ضربًا من التوقيع فدلّ على نفي الجهاد فيما مضى وعلى توقعه فيما يستقبل. كذا قرره الزمخشري، وتعقبه أبو حيان فقال: هذا الذي قاله في لما أنها تدل على توقع الفعل المنفي بها فيما يستقبل لا أعلم أحدًا من النحويين ذكره، بل ذكروا أنك إذا قلت لما يخرج زيد دل ذلك على انتفاء الخروج فيما مضى متصلاً نفيه إلى وقت الإخبار أما أنها تدل على توقعه في المستقبل فلا، اهـ.
قال في الدر: النحاة إنما فرقوا بينهما من جهة أن المنفي بلم هو فعل غير مقرون بقد ولما نفي له مقرونًا بها وقد تدل على التوقع فيكون كلام الزمخشري صحيحًا من هذه الجهة.
(﴿ويعلم الصابرين﴾) نصب بإضمار أن والواو بمعنى الجمع نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن يعني أن دخول الجنة وترك المصابرة على الجهاد لا يجتمعان (﴿ولقد كنتم تمنون الموت
من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون﴾) [آل عمران: ١٣٩ - ١٤٣]. سقط لأبي ذر وابن عساكر من قوله: ﴿وأنتم الأعلون﴾ الخ .. وقالا إلى قوله: ﴿وأنتم تنظرون﴾.
(وقوله) تعالى: (﴿ولقد صدقكم الله وعده﴾) حقق (﴿إذ تحسونهم﴾) أي تستأصلونهم قتلاً (﴿بإذنه﴾) بأمره وعلمه (﴿حتى إذ فشلتم﴾) ضعفتم وجبنتم (﴿وتنازعتم في الأمر﴾) أي اختلفتم حين انهزم المشركون فقال بعضهم: انهزم القوم فما مقامنا فأقبلتم على الغنيمة. وقال آخرون: ما نتجاوز أمر رسول الله ﷺ (﴿وعصيتم﴾) أمر نبيكم ﷺ بترككم المركز واشتغالكم بالغنيمة (﴿من بعد ما أراكم ما تحبون﴾) من الظفر وقهر الكفار ﴿منكم من يريد الدنيا﴾ الغنيمة وهم الذين تركوا المركز لطلب الغنيمة (﴿ومنكم من يريد الآخرة﴾) وهم الذين ثبتوا مع عبد الله بن جبير حتى قتلوا (﴿ثم صرفكم عنهم﴾) أي كف معونته عنكم فغلبوكم (﴿ليبتليكم﴾) ليمتحن صبركم على المصائب وثباتكم على الإيمان عندها (﴿ولقد عفا عنكم﴾) حيث ندمتم على ما فرط منكم من عصيان أمره ﷺ (﴿والله ذو فضل على المؤمنين﴾) [آل عمران: ١٥٢]. بالعفو عنهم وقبول توبتهم وسقط لابن عساكر من قوله: ﴿بإذنه﴾ الخ .. وقال: في رواية أبي ذر قتلاً ﴿بإذنه﴾ إلى قوله: ﴿والله ذو فضل على المؤمنين﴾.
(وقوله تعالى: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا﴾) الآية [آل عمران: ١٦٩].
الذين مفعول أول وأمواتًا مفعول ثان والفاعل إما ضمير كل مخاطب أو ضمير الرسول ﷺ وسقط قوله الآية لأبي ذر وابن عساكر.
٤٠٤١ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ: «هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ».
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) الفراء الصغير قال: (أخبرنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: (حدّثنا خالد) الحذاء (عن عكرمة عن ابن عباس ﵄) أنه (قال، قال النبي ﷺ يوم أُحد):
(هذا جبريل) ﵇ (آخد برأس فرسه عليه أداة الحرب) هذا الحديث من مراسيل الصحابة ﵃، ولعل ابن عباس ﵄ حمله عن أبي بكر