فخرج الرجل) الذي اتبعه (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في فقال: أشهد أنك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وما ذاك) (قال الرجل الذي ذكرت أنفًا) بمد الهمزة وكسر النون أي الآن: (أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك) الذي قلته (فقلت: أنا لكم به) أتبعه حتى أرى ما له (فخرجت في طلبه ثم جرح جرحًا شديدًا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه
بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو) يظهر (للناس وهو من أهل النار وأن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة) فيه التحذير من الاغترار بالأعمال.
تنبيه:
قال المهلب: هذا الرجل ممن أعلمنا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه نفذ عليه الوعيد من النفاق، ولا يلزم منه أنه كل من قتل نفسه يقضى عليه بالنار. وقال السفاقسي: يحتمل أن يكون قوله هو من أهل النار إن لم يغفر الله له.
٤٢٠٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: شَهِدْنَا خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الإِسْلَامَ: «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ» فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحَةُ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحَةِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُمًا فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ: «قُمْ يَا فُلَانُ فَأَذِّنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَاّ مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ». تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
٤٢٠٤ - وَقَالَ شَبِيبٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَابَعَهُ صَالِحٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: شهدنا خيبر) مجاز عن جنسه من المسلمين لأن أبا هريرة -رضي الله عنه- إنما جاء بعد فتح خيبر، لكن عند الواقدي أنه حضر بعد فتح معظم خيبر فحضر فتح آخرها (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لرجل) أي عن رجل منافق (ممن معه يدعي الإسلام):
(هذا من أهل النار) لأنه منافق غير مؤمن أو أنه سيرتد أو يستحل قتل نفسه (فلما حضر القتال) بالرفع مصححًا عليه في الفرع على الفاعلية ويجوز النصب (أي فلما حضر الرجل) القتال (قاتل الرجل أشدّ القتال حتى كثرت به الجراحة فكاد) أي قارب (بعض الناس يرتاب) أي يشك في صدقه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فوجد الرجل ألم الجراحة فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها أسهمًا) بالهمز أوله
وضم الهاء بلفعل الجمع، ولأبي ذر عن الكشميهني: سهمًا بالإفراد (فنحر بها نفسه فاشتد) أي أسرع (رجال من المسلمين) في المشي (فقالوا: يا رسول الله صدق الله حديثك انتحر فلان فقتل نفسه فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قم يا فلان) هو بلال كما في القدر، أو عمر بن الخطاب كما في مسلم، أو عبد الرحمن بن عوف كما عند البيهقي، ويحتمل أنهم نادوا جميعًا في جهات مختلفة كما قاله في الفتح (فأذّن) بتشديد الذال المعجمة المكسورة (أنه) ولأبي ذر أن (لا يدخل الجنة إلا مؤمن) فيه إشعار بسلب الإيمان عن هذا الرجل (إن الله يؤيد) ولأبي ذر عن الكشميهني ليؤيد (الدين بالرجل الفاجر). الذي قتل نفسه أو آل للجنس لا للعهد فيعم كل فاجر أيد الدين وساعده بوجه من الوجوه. وقد صرح في حديث أبي هريرة هذا بما أبهمه في حديث سهل من أن هذه القصة كانت بخيبر وهو ظاهر سياق المؤلّف وأنهما متحدتان عنده، لكن بين السياقين اختلاف كما لا يخفى فلذا جنح السفاقسي إلى التعدد. نعم يمكن الجمع باحتمال أن يكون نحر نفسه بأسهمه فلم تزهق روحه وإن كان قد أشرف على القتل فاتكأ حينئذ على سيفه استعجالاً للموت وحينئذٍ فلا تعدد (تابعه) أي تابع شعيبًا (معمر) هو ابن راشد كما هو موصول في القدر والجهاد عند المؤلّف (عن الزهري) محمد بن مسلم في هذا الأسناد.
(وقال شبيب) بفتح الشين المعجمة وكسر الموحدة الأولى ابن سعيد فيما وصله النسائي (عن يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (ابن المسيب) سعيد (وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- (قال: شهدنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خيبر) وللأصيلي وابن عساكر وأبوي الوقت وذر عن الحموي والمستملي حنينًا بالحاء المهملة والنون بدل خيبر يعني فخالف يونس معمرًا وشعيبًا.
وقال عياض في شرحه لمسلم في حديث أبي هريرة: شهدنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حنينًا كذا وقعت الرواية فيها عند عبد الرزاق في الأم، ورواه الذهلي خيبر أي