للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباس: كذب عدوّ الله) نوف خرج منه مخرج الزجر والتحذير لا القدح في نوف لأن ابن عباس قال ذلك في حال غضبه وألفاظ الغضب تقع على غير الحقيقة غالبًا وتكذيبه له لكونه قال غير الواقع ولا يلزم منه تعمده (حدّثني) بالإفراد (أبي بن كعب) الأنصاري (أنه سمع رسول الله يقول):

(إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل) نص في أن موسى صاحب بني إسرائيل ففيه رد على نوف البكالي (فسئل أي الناس أعلم) أي منهم (فقال أنا) أي أعلم الناس قاله بحسب اعتقاده لأنه نبي ذلك الزمان ولا أحد في زمانه أعلم منه فهو خبر صادق على المذهبين على قول من قال صدق الخبر مطابقته لاعتقاد الخبر ولو أخطأ وهذا في غاية الظهور وعلى قول من قال صدق الخبر مطابقته للواقع فهو إخبار عن ظنه الواقع له إذ معناه أنا أعلم في ظني واعتقادي وهو كان يظن ذلك قطعًا فهو مطابق للواقع وهذا الذي قالوه هنا أبلغ من قوله في باب الخروج في طلب العلم هل تعلم أن أحدًا أعلم منك فقال لا فإنه نفي هناك علمه وهنا على البت (فعتب الله عليه إذ) بسكون الذال للتعليل (لم يردّ العلم إليه) فيقول نحو الله أعلم كما قالت الملائكة لا علم لنا إلا ما علمتنا وعتب الله عليه لئلا يقتدي به فيه من لم يبلغ كماله في تزكية نفسه وعلوّ درجته من أمته فيهلك لما تضمنه من مدح الإنسان نفسه ويورثه ذلك من الكبر والعجب والدعوى وإن نزه عن هذه الرذائل الأنبياء فغيرهم بمدرجة سيلها ودرك ليلها إلا من عصمه الله فالتحفظ منها أولى لنفسه وليقتدى به، ولهذا قال نبينا تحفظًا من مثل هذا مما قد علم به أنا سيد ولد آدم ولا فخر ووجه الرد عليه فيما ظنه كما ظن نبينا أنه لم يقع منه نسيان في قصة ذي اليدين (فأوحى الله) ﷿ (إليه) إلى موسى (إن لي عبدًا بمجمع البحرين) هو الخضر ولأبي ذر عن الحموي والمستملي عند مجمع البحرين (هو أعلم منك) بشيء مخصوص لا يقتضي أفضليته به على موسى كيف وموسى جمع له بين الرسالة والتكليم والتوراة وأنبياء بني إسرائيل داخلون كلهم تحت شريعته وغاية الخضر أن يكون كواحد منهم (قال موسى: يا رب فكيف لي به؟) أي كيف يتهيّأ ويتيسر لي أن أظفر به (قال: تأخذ معك حوتًا) من السمك (فتجعله في مكتل) بكسر

الميم وفتح الفوقية الزنبيل الكبير ويجمع على مكاتل (فحيثما فقدت الحوت) بفتح القاف أي تغيب عن عينيك (فهو) أي الخضر (ثم) بفتح المثلثة أي هناك (فأخذ) موسى (حوتًا فجعله في مكتل) كما وقع الأمر به (ثم انطلق وانطلق معه بفتاه) ولأبي ذر عن الكشميهني معه فتاه (يوشع بن نون) بالصرف كنوح (حتى إذا أتيا الصخرة) التي عند مجمع البحرين (وضعا رؤوسهما فناما) بالفاء ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وناما (واضطرب الحوت) أي تحرّك (في المكتل) لأنه أصابه من ماء عين الحياة الكائنة في أصل الصخرة شيء إذ إصابتها مقتضية للحياة (فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله) أي طريقه (في البحر سربًا) أي مسلكًا (وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق) أي مثل عقد البناء وعند مسلم من رواية أبي إسحاق فاضطرب الحوت في الماء فجعل يلتئم عليه حتى صار مثل الكوّة (فلما استيقظ) موسى (نسي صاحبه) يوشع (أن يخبره بالحوت) أي بما كان من أمره (فانطلقا) سائرين (بقية يومهما وليلتهما) بنصب الفوقية (حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه) يوشع (آتنا غداءنا) بفتح الغين ممدود أي طعامنا الذي نأكله أوّل النهار (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا) أي تعبًا ومراده السير بقية اليوم والذي يليه وفي الإشارة بهذا إشعار بأن هذا المسير كان أتعب لهما مما سبق فإن رجاء المطلوب يقرب البعيد والخيبة تبعد القريب ولذا (قال ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به) فألقى عليه الجوع والنصب (فقال له فتاه) يوشع (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>