ما لا أقدر عليه (قال) أبي بن كعب (وقال رسول الله ﷺ وكانت الأولى) ولأبي ذر عن الكشميهني وكانت في الأولى (من موسى نسيانًا. قال وجاء عصفور) بضم العين (فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له) أي لموسى (الخضر ما علمي وعلمك من علم الله) أي من معلومه، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي في علم الله (إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر) ونقص العصفور لا تأثير له فكأنه لم يأخذ شيئًا ولا ريب أن علم الله لا يدخله نقص (ثم خرجا من السفينة) بعد أن اعتذر موسى له وسأله أن لا يرهقه من أمره عسرًا وقبل عذره وأجاب سؤاله وأدامه على الصحبة (فبينا) بغير ميم (ما يمشيان على الساحل إذ بصر الخضر) بفتح الموحدة وضم الصاد المهملة (غلامًا يلعب مع الغلمان) قيل اسمه جيسور وقيل حيسور وقيل حنسور وقيل حيسون وقيل شمعون وقيل غير ذلك مما لم يثبت ولعل المفسرين نقلوه من كتب أهل الكتاب (فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده) ولأبي ذر عن الحموي والكشميهني برأسه فاقتلعه (فقتله فقال له موسى) لما شاهد ذلك منه منكرًا عليه أشد من الأول (أقتلت نفسًا زاكية) بالألف والتخفيف وهي قراءة الحرميين وأبي عمرو واسم فاعل من زكا أي طاهرة من الذنوب ووصفها بهذا الوصف لأنه لم يرها أذنبت أو لأنها صغيرة لم تبلغ الحنث لكن قوله (بغير نفس) يردّه إذ لو كان لم يحتلم لم يجب قتله بنفس ولا بغير نفس وقرأه الباقون بالتشديد من غير ألف أخرجوه إلى فعيلة للمبالغة لأن فعيلًا المحوّل من فاعل يدل على المبالغة. وحكى القرطبي عن صاحب العروس والعرائس أن موسى ﵊ لما قال للخضر أقتلت نفسًا زاكية غضب الخضر واقتلع كتف الصبي الأيسر وقشر اللحم عنه وإذا في عظم كتفه مكتوب كافر لا يؤمن بالله أبدًا. (لقد جئت شيئًا نكرًا) منكرًا تنكره العقول وتنفر عنه النفوس وهو أبلغ في تقبيح الشيء من الأمر وقيل بالعكس لأن الأمر هو الداهية العظيمة (قال) الخضر (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا) قال في الكشاف: فإن قلت: ما معنى زيادة لك قلت زيادة المكافحة بالعتاب على رفض الوصية والوسم بقلة الصبر عند الكرة الثانية. (قال) أبي سفيان بن عيينة كما في كتاب العلم (وهذا) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي هذه (أشد من الأولى) لما فيها من زيادة لك (قال) موسى له (إن سألتك عن شيء بعدها) أي بعد هذه المرة أو بعد هذه القصة فأعاد الضمير عليها وإن كانت لم يتقدم لها ذكر صريح حيث كانت في ضمن القول (فلا تصاحبني) وإن طلبت صحبتك (قد بلغت من لدني عذرًا) أي قد أعذرت إليّ مرة بعد أخرى فلم يبق موضع للاعتذار (فانطلقا) بعد المرتين الأوليين (حتى إذا أتيا أهل قرية) قيل هي أنطاكية أو أذربيجان أو الأبلّة أو بوقة أو ناصرة أو جزيرة الأندلس. قال في الفتح وهذا الاختلاف قريب من الاختلاف في المراد بمجمع البحرين وشدّة التباين في ذلك تقتضي أن لا يوثق بشيء من ذلك وعند مسلم من رواية أبي إسحاق أهل قرية لئامًا أي بخلاء فطافا المجالس (استطعما أهلها) واستضافوهم (فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارًا) عرضه خمسون ذراعًا في مائة ذراع بذراعهم قاله الثعلبي وقال غيره سمكه مائتا ذراع وظله
على وجه الأرض خمسمائة ذراع وعرضه خمسون (يريد أن ينقض) إسناده الإرادة إلى الجدار على سبيل الاستعارة فإن الإرادة للجدار لا حقيقة لها وقد كان أهل القرية يمرون تحته خائفين (قال) في معنى ينقض أنه (مائل فقام الخضر فأقامه بيده) أي فردّه إلى حالة الاستقامة وهذا خارق ولأبي ذر فقال الخضر بيده فأقامه (فقال موسى) لما رأى من شدة الحاجة والاضطرار والافتقار إلى المطعم وحرمان أصحاب الجدار لهم (قوم أتيناهم) فاستطعمناهم واستضفناهم (فلم يطعمونا ولم يضيفونا لو شئت لاتخذت) بهمزة وصل وتشديد الفوقية وفتح الخاء وهي قراءة غير أبي عمرو وابن