للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سرق فقال اقطعوه إلى أن أتى على قوائمه الأربع ثم سرق في زمن الصديق بفيه فأمر بقتله. قلت: وهو مروي عند الدارقطني من حديث جابر بلفظ: إن النبي أتي بسارق فقطع يده ثم أُتي به ثانيًا فقطع رجله ثم أتي به ثالثًا فقطع يده ثم أتي به رابعًا فقطع رجله ثم أتي به خامسًا فقتله، وفيه محمد بن يزيد بن سبأ، وقال الدارقطني فيما حكاه الحافظ ابن حجر في أمالي الرافعي أنه ضعيف قال: ورواه أبو داود والنسائي بلفظ: جيء بسارق إلى رسول الله فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم جيء به الثانية فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق قال: اقطعوه فذكره كذلك قال: فجيء به الخامسة فقال: اقتلوه. قال جابر: فانطلقنا به إلى مربد النعم فاستلقى على ظهره فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر ورمينا عليه الحجارة، وفي إسناده مصعب بن ثابت، وقد قال النسائي ليس بالقوي، وهذا الحديث منكر ولا أعلم فيه حديثًا صحيحًا. ورواه النسائي والحاكم عن الحارث بن حاطب

الجمحي وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن زيد الجهني، وقال ابن عبد البر: حديث القتل منكر لا أصل له، وقال الشافعي: منسوخ لا خلاف فيه عند أهل العلم اهـ.

وهذا لا دلالة فيه أصلًا على ما ادّعاه من مراده على ما لا يخفى، ولئن سلمنا ذلك كان عليه أن يلحق ذلك في مجموعه المذكور عقب قوله ذلك ليسلم من وصمة الإطلاق إذ المراد لا يدفع الإيراد لكنا لا نسلمه فتأمله.

(فقال موسى: ستجدني إن شاء الله صابرًا) على ما أرى منك غير منكر عليك وعلق الوعد بالمشيئة للتيمن أو علمًا منه بشدّة الأمر وصعوبته فإن مشاهدة الفساد شيء لا يطاق. (ولا أعصي لك أمرًا) أي ولا أخالفك في شيء (فقال له الخضر فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء) تنكره مني ولم تعلم وجه صحته (حتى أحدث لك منه ذكرًا) حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني (فانطلقا) لما توافقا واشترط عليه أن لا يسأله عن شيء أنكره عليه حتى يبدأ به (يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة فكلموهم) أي موسى والخضر ويوشع كلموا أصحاب السفينة (أن يحملوهم فعرفوا) أي أصحاب السفينة (الخضر فحملوه) أي الخضر ومن معه ولأبي ذر فحملوهم، وله أيضًا فحملوا أي الثلاثة وهو مبني لما لم يسم فاعله (بغير نول) بفتح النون بغير أجر إكرامًا للخضر (فلما ركبا) موسى والخضر (في السفينة) لم يذكر يوشع لأنه تابع غير مقصود بالإصالة (لم يفجأ) موسى بعد أن صارت السفينة في لجّة البحر (إلا والخضر قد قلع لوحًا من ألواح السفينة بالقدوم) بفتح القاف وضم الدال المهملة المخففة فانخرقت (فقال له موسى) منكرًا عليه بلسان الشريعة هؤلاء (قوم حملونا) ولأبي ذر: قد حملونا (بغير نول عمدت) بفتح الميم (إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها) قيل اللام في لتغرق للعلة ورجح كونها للعاقبة كقوله:

لدوا للموت وابنوا للخراب

(لقد جئت شيئًا إمرًا) عظيمًا أو منكرًا (قال) الخضر مذكرًا لما مر من الشرط (ألم أقل أنك لن تستطيع معي صبرًا) استفهام إنكاري. (قال) موسى للخضر (لا تؤاخذني بما نسيت) من وصيتك.

وفي هذا النسيان أقوال:

أحدها: أنه على حقيقته لما رأى فعله المؤدي إلى إهلاك الأموال والأنفس فلشدة غضبه لله نسي ويؤيده قوله في هذا الحديث قريبًا وكانت الأولى من موسى نسيانًا.

الثاني: أنه لم ينس ولكنه من المعاريض وهو مروي عن ابن عباس لأنه إنما رأى العهد في أن يسأل لا في إنكار هذا الفعل فلما عاتبه الخضر بقوله: إنك لن تستطيع قال: لا تؤاخذني بما نسيت أي في الماضي ولم يقل أني نسيت وصيتك.

الثالث: أن النسيان بمعنى الترك وأطلقه عليه لأن النسيان سبب للترك إذ هو من ثمراته أي لا تؤاخذني بما تركته مما عاهدتك عليه فإن المرة الواحدة معفوّ عنها ولا سيما إذا كان لها سبب ظاهر.

(ولا ترهقني من أمري عسرًا) لا تضايقني بهذا القدر فتعسر مصاحبتك أو لا تكلفني

<<  <  ج: ص:  >  >>