للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأبي ذر ولا (نعلم إلا خيرًا.

وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير) بلفظ التذكير على إرادة الجنس وفعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث أفرادًا وجميعًا، وقال ذلك لما رأى منه من شدة القلق فرأى أن بفراقها يسكن ما عنده بسببها فإذا تحقق براءتها فيراجعها (وإن تسأل الجارية) بريرة (تصدقك) الخبر بالجزم على الجزاء.

(قالت) عائشة (فدعا رسول الله بريرة) واستشكل قوله الجارية بريرة بأن قصة الإفك قبل شراء بريرة وعتقها لأنه كان بعد فتح مكة وهو قبله لأن حديث الإفك كان في سنة ست أو أربع وعتق بريرة كان بعد فتح مكة في السنة التاسعة أو العاشرة لأن بريرة لما خيرت واختارت نفسها كان زوجها مغيث يتبعها في سكك المدينة يبكي عليها فقال رسول الله للعباس: "يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة" والعباس إنما سكن المدينة بعد رجوعهم من الطائف في أواخر سنة ثمان وفي ذلك ردّ على ابن القيم حيث قال تسميتها بريرة وهم من بعض الرواة فإن

عائشة إنما اشترت بريرة بعد الفتح، ولما كاتبتها عقيب شرائها وعتقت خيرت فاختارت نفسها فظن الراوي أن قول علي وإن تسأل الجارية تصدقك أنها بريرة فغلط قال: وهذا نوع خاص غامض لا يتنبه له إلا الحذاق. اهـ.

وتبعه الزركشي فقال إن تسمية الجارية بريرة مدرجة من بعض الرواة وإنها جارية أخرى، وأجاب الشيخ تقي الدين السبكي بأجوبة أحسنها احتمال أنها كانت تخدم عائشة قبل شرائها وهذا أولى من دعوى الإدراج وتغليط الحفاظ.

(فقال) : (أي بريرة هل رأيت) عليها (من شيء يريبك؟) بفتح أوله من جنس ما قال أهل الإفك (قالت بريرة) مجيبة له على العموم نافية عنها كل نقص (لا والذي بعثك بالحق إن رأيت) بكسر الهمزة أي ما رأيت (عليها أمرًا أغمصه) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وكسر الميم وصاد مهملة صفة لأمر أي أعيبه (عليها) في جميع أحوالها (أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها) لصغر سنها ورطوبة بدنها (فتأتي الداجن) بدال مهملة وبعد الألف جيم مكسورة فنون الشاة التي تقتنى في البيت وتعلف وقد يطلق على غيرها مما يألف البيوت من الطير وغيره (فتأكله) قال ابن المنير في الحاشية: هذا من الاستثناء البديع الذي يراد به المبالغة في نفي العيب كقوله:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم … بهنّ فلول من قراع الكتائب

فغفلتها عن عجينها أبعد لها من مثل الذي رميت به وأقرب إلى أن تكون به من المحصنات الغافلات المؤمنات، وتعقبه البدر الدماميني فقال ليس في الحديث صورة استثناء بسوى ولا غيرها من أدواته وإنما فيه إن رأيت عليها أمرًا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية الخ لكن معنى هذا قريب من معنى الاستثناء. اهـ.

نعم قولها في رواية هشام بن عروة فيما يأتي إن شاء الله تعالى قريبًا فى هذه السورة ما علمت منها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر استثناء صريح في نفي العيب عنها وفي رواية عبد الرحمن بن حاطب عن علقمة عند الطبراني فقالت الجارية الحبشية والله لعائشة أطيب من الذهب ولئن كانت صنعت ما قال الناس ليخبرنك الله قال فعجب الناس من فقهها.

(فقام رسول الله فاستعذر) بالذال المعجمة (يومئذٍ من عبد الله بن أبي ابن سلول قالت) عائشة (فقال رسول الله وهو على المنبر: يا معشر المسلمين) بسكون العين (من يعذرني) بفتح أوله وكسر المعجمة أي من يقيم عذري إن كافأته على قبح فعله أو من ينصرني (من رجل) يريد ابن أبيّ (قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على) ولأبي ذر في (أهلي إلا خيرًا ولقد ذكروا رجلًا) صفوان بن المعطل (ما علمت عليه إلا خيرًا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام

<<  <  ج: ص:  >  >>