العشر فجعلت أختلف إلى الداخليّ وغيره، فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام، قلت هو الزبير بن عدي عن إبراهيم. فأخذ القلم مني وأصلح كتابه. وقال صدقت فقال بعض أصحاب البخاري له ابن كم كنت: قال ابن إحدى عشرة سنة فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع وعرفت كلام هؤلاء يعني أصحاب الرأي، ثم خرجت مع أخي أحمد وأمي إلى مكة فلما حججت رجع أخي إلى بخارى فمات بها، -وكان أخوه أسنّ منه وأقام هو بمكة لطلب الحديث- قال ولا طعنت في ثماني عشرة سنة صنفت كتاب قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، قال: وصنفت التاريخ الكبير إذ ذاك عند قبر النبي ﷺ في الليالي المقمرة، وقلّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب.
وقال أبو بكر بن أبي عتاب الأعين: كتبنا عن محمد بن إسماعيل وهو أمرد على باب محمد بن يوسف الفريابي وما في وجهه شعرة. وكان موت الفريابي سنة اثنتي عشرة ومائتين فيكون للبخاري إذ ذاك نحو من ثمانية عشر عامًا أو دونها.
وأما رحلته لطلب الحديث فقال الحافظ ابن حجر أوّل رحلته بمكة سنة عشر ومائتين، قال ولو رحل أوّل ما طلب لأدرك ما أدركه أقرانه من طبقة عالية ما أدركها وإن كان أدرك ما قاربها كيزيد بن هارون وأبي داود الطيالسي، وقد أدرك عبد الرزاق وأراد أن يرحل إليه وكان يمكنه ذلك فقيل له إنه مات فتأخر عن التوجّه إلى اليمن، ثم تبيّن أن عبد الرزاق كان حيًّا فصار يروي عنه بواسطة، ثم ارتحل بعد أن رجع من مكة إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنته الرحلة إليها. وقال الذهبي وغيره وكان أوّل سماعه سنة خمس ومائتين ورحل سنة عشر ومائتين بعد أن سمع الكثير ببلده من سادة وقته محمد بن سلام البيكندي وعبد الله بن محمد المسندي ومحمد بن عرعرة وهارون بن الأشعث وطائفة، وسمع ببلخ من مكّي بن إبراهيم ويحيى بن بشر الزاهد وقتيبة
وجماعة، وإن مكّي أحد مَن حدّثه عن ثقات التابعين، وسمع بمرو من علي بن شقيق وعبدان ومعاذ بن أسد وصدقة بن الفضل وجماعة، وسمع بنيسابور من يحيى بن يحيى وبشر بن الحكم وإسحق وعدة، وبالري من إبراهيم بن موسى الحافظ وغيره، وببغداد من محمد بن عيسى بن الطباع وشريح بن النعمان وطائفة، وقال: دخلت على معلى بن منصور ببغداد سنة عشر ومائتين، وسمع بالبصرة من أبي عاصم النبيل وبدل بن المحبر ومحمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الرحمن بن محمد بن حماد وعمر بن عاصم الكلابي وعبد الله بن رجاء الغداني وطبقتهم، وبالكوفة من عبيد الله بن موسى وأبي نعيم وطلق بن غنام والحسن بن عطية وهما أقدم شيوخه موتًا وخلاد بن يحيى وخالد بن مخلد وفروة بن أبي المغراء وقبيصة وطبقتهم، وبمكة من أبي عبد الرحمن المقري والحميدي وأحمد بن محمد الأزرقي وجماعة، وبالمدينة من عبد العزيز الأويسي ومطرف بن عبد الله وأبي ثابت محمد بن عبد الله وطائفة، وبواسط من عمرو بن محمد بن عون وغيره، وبمصر من سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح الكاتب وسعيد بن تليد وعمرو بن الربيع بن طارق وطبقتهم، وبدمشق من أبي مسهر شيئًا يسيرًا ومن أبي النضر الفراديسي وجماعة، وبقيسارية من محمد بن يوسف الفريابي، وبعسقلان من آدم بن أبي إياس، وبحمص من أبي المغيرة وأبي اليمان وعلي بن عيّاش وأحمد بن خالد الوهبي ويحيى الوحاظي اهـ.
وعن محمد بن أبي حاتم عنه أنه قال كتبت عن ألف وثمانين نفسًا ليس فيهم إلا صاحب حديث. وقال أيضًا: لم أكتب إلاّ عمن قال: الإيمان قول وعمل، وقد حصرهم الحافظ ابن حجر في خمس طبقات: الأولى: من حدّث عن التابعين مثل محمد بن عبد الله الأنصاري حدّثه عن حميد، ومثل مكّي بن إبراهيم حدّثه عن يزيد بن أبي عبيد، ومثل أبي عاصم النبيل حدّثه عن يزيد بن أبي عبيد أيضًا، ومثل عبيد الله بن موسى حدّثه عن إسماعيل بن أبي خالد، ومثل أبي