للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالآثار.

٥٤٩٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا -رضي الله عنه- يَقُولُ: غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ، وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا، فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ.

وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عمرو) بفتح العين ابن دينار (أنه سمع جابرًا) الأنصاري (-رضي الله عنه- يقول: غزونا جيش الخبط) بفتح الخاء المعجمة والموحدة بعدها مهملة ورق السلم سمي به لأنهم أكلوه من الجوع وذلك سنة ثمان (وأمر) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ولابن عساكر وأميرنا (أبو عبيدة) عامر بن عبد الله بن الجراح ولأبي ذر وأمر مبنيًّا للمفعول أيضًا علينا أبو عبيدة بزيادة علينا (فجعنا جوعًا شديدًا فألقى البحر) لنا (حوتًا ميتًا لم ير) بتحتية مضمومة (مثله) بالرفع ولأبي ذر ولم نر بنون مفتوحة مثله بالنصب أي لم نر مثله في الكبر (يقال له العنبر) وهو سمكة بحرية يتخذ من جلدها الأتراس، ويقال للترس عنبر وسمي هذا الحوت بالعنبر لوجوده في جوفه. قال إمامنا الشافعي رحمه الله: حدّثني بعضهم أنه ركب البحر فوقع إلى جزيرة فنظر إلى شجرة مثل عنق الشاة وإذا ثمرها عنبر قال: فتركناه حتى يكبر ثم نأخذه فهبت ريح فألقته في البحر. قال الشافعي: والسمك ودواب البحر تبتلعه أول ما يقع لأنه لين فإذا ابتلعه قلما تسلم إلا قتلها لفرط الحرارة التي فيه فإذا أخذ الصياد السمكة وجده في بطنها

فيقدر أنه منها وإنما هو ثمر نبت (فأكلنا منه) من الحوت (نصف شهر فأخذ أبو عبيدة) بن الجراح (عظمًا من عظامه فمرّ الراكب تحته).

٥٤٩٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: بَعَثَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَمِائَةِ رَاكِبٍ، وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ فَسُمِّيَ جَيْشَ الْخَبَطِ، وَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ: فَأَكَلْنَا نِصْفَ شَهْرٍ، وَادَّهَنَّا بِوَدَكِهِ حَتَّى صَلَحَتْ أَجْسَامُنَا، قَالَ: فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنَصَبَهُ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ. وَكَانَ فِينَا رَجُلٌ فَلَمَّا اشْتَدَّ الْجُوعُ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ.

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا (سفيان) بن عيينة (عن عمرو) هو ابن دينار (قال: سمعت جابرًا) -رضي الله عنه- (يقول: بعثنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاثمائة راكب) فيهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- (وأميرنا أبو عبيدة) بن الجراح (نرصد عير قريش) بكسر العين المهملة إبلًا تحمل طعامًا لهم. وعند ابن سعد أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثهم إلى حي من جهينة بالقبلية بفتح القاف والموحدة مما يلي ساحل البحر بينهم وبين المدينة خمس ليال وأنهم انصرفوا ولم يلقوا كيدًا.

واستشكل هذا بما في حديث الباب إذ ظاهره المغايرة. وأجيب: بأنه يمكن الجمع بين كونهم يتلقون عيرًا لقريش ويقصدون حيًّا من جهينة وحينئذ فلا مغايرة بينهما.

(فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط) بفتحتين ورق السلم وفي رواية أبي الزبير عند مسلم: وكنا نضرب بعصينا الخيط ثم نبله بالماء فنأكله (فسمي جيش الخيط وألقى) إلينا (البحر) لما انتهينا إلى ساحله (حوتًا يقال له العنبر) طوله خمسون ذراعًا يقال له بالة، وفي رواية ابن جريج السابقة في هذا الباب حوتًا ميتًا (فأكلنا) منه (نصف شهر). وفي رواية وهب بن كيسان عن جابر في المغازي ثماني عشرة ليلة، وفي رواية أبي الزبير عند مسلم فأقمنا عليه شهرًا ويجمع بين ذلك بأن الذي قال ثماني عشرة ضبط ما لم يضبطه غيره ومن قال: نصف شهر ألغى الكسر وهو ثلاثة أيام، ومن قال شهرًا جبر الكسر وضم بقية المدّة التي كانت قبل وجدانهم الحوت إليها، ورجح النووي رواية أبي الزبير لما فيها من الزيادة (وادّهنا بودكه) بفتح الواو والدال المهملة أي شحمه (حتى صلحت) بفتح الصاد واللام (أجسامنا) ولأبي الزبير: فلقد رأيتنا نغترف من وقب عينيه بالقلال الدهن ونقتطع منه الفدر كالثور والوقب بفتح الواو وسكون القاف بعدها موحدة النقرة التي فيها الحدقة، والفدر بكسر الفاء وسكون الدال جمع فدرة بفتح ثم سكون القطعة من اللحم وغيره. وفي رواية الخولاني عن جابر عند ابن أبي عاصم في الأطعمة وحملنا ما شئنا من قديد وودك في الأسقية والغرائر، وفي رواية أبي الزبير عند المؤلّف في المغازي أنهم ذكروا ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: كلوا رزقًا أخرجه الله أطعمونا إن كان معكم فأتاه بعضهم بعضو

منه فأكله وبهذا تتم الدلالة لجواز أكل ميتة البحر من هذا الحديث وإلاّ فمجرد أكل الصحابة منه وهم في حال المجاعة قد يقال إنه للاضطرار، وقد تبين بهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>