(فقال) ﷺ:
(عجبت من هؤلاء) النسوة (اللاتي كن عندي) يرفعن أصواتهن (لما سمعن صوتك تبادرن) ولأبي ذر فتبادرن (الحجاب فقال: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله ثم أقبل) عمر (عليهن فقال: يا عدوّات أنفسهن أتهبنني) بفتح الهمزة والفوقية والهاء وسكون الموحدة وفتح النون الأولى وكسر الثانية (ولم يهبن رسول الله ﷺ فقلن) له: (إنك أفظ وأغلظ من رسول الله ﷺ) بالظاء المعجمة فيهما وصيغة أفعل ليست على بابها لحديث ليس بفظ ولا غليظ وحينئذٍ فلا تعارض بين الحديث وقوله تعالى: ﴿ولو كنت فظًّا غليظ القلب﴾ [آل عمران: ١٥٩] ولا يشكل بقوله وأغلظ عليهم فالنفي بالنسبة لما جبل عليه والأمر محمول على المعالجة أو النفي بالنسبة إلى المؤمنين والأمر بالنسبة إلى الكفار والمنافقين (قال رسول الله ﷺ إيه) بكسر الهمزة وسكون التحتية وتنوين الهاء حدّثنا ما شئت وأعرض عن الإنكار عليهن (يا ابن الخطاب) وقال الطيبي: إيه استزادة منه في طلب توقيره ﷺ وتعظيم حاله (والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا) بالجيم المشدّدة طريقًا واسعًا (إلا سلك فجًّا غير فجك) الذي تسلكه فرفًا منك.
والحديث سبق في باب صفة إبليس وجنوده وفي مناقب عمر.
٦٠٨٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالطَّائِفِ قَالَ: «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: لَا نَبْرَحُ أَوْ نَفْتَحَهَا، فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ: «فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ» قَالَ: فَغَدَوْا فَقَاتَلُوهُمْ قِتَالاً شَدِيدًا وَكَثُرَ فِيهِمُ الْجِرَاحَاتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» قَالَ: فَسَكَتُوا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ الْحُمَيْدِىُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كُلَّهُ بِالْخَبَرِ.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي أبو رجاء البغلاني بالموحدة وسكون الغين المعجمة قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) بفتح العين ابن دينار (عن أبي العباس) السائب الشاعر المكي (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص وللمستملي والكشميهني في رواية أبي ذر والأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر عن عبد الله بن عمر بضم العين ابن الخطاب وهو الصواب أنه (قال: لما كان رسول الله ﷺ بالطائف) في غزوتها (قال):
(إنّا قافلون) أي راجعون (غدًا إن شاء الله) ولأبي ذر عن الكشميهني معًا (فقال ناس من أصحاب رسول الله ﷺ) ولأبي ذر من أصحاب النبي (ﷺ: لا نبرح أو نفتحها) بنصب حاء نفتحها
بالفرع أي لا نفارق إلى أن نفتحها قال السفاقسي: بالرفع ضبطناه والصواب النصب لأن أو إذا كانت بمعنى حتى أو إلى نصبت وهي هنا كذلك (فقال النبي ﷺ: فاغدوا على القتال) بهمزة وصل وغين معجمة (قال: فغدوا فقاتلوهم قتالاً شديدًا وكثر فيهم) أي في المسلمين (الجراحات. فقال رسول الله ﷺ: إنا قافلون غدًا إن شاء الله قال: فسكتوا فضحك رسول الله ﷺ) تعجبًا من قولهم الأول وسكوتهم في الثاني.
(قال: الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي شيخ المؤلّف (حدّثنا سفيان) بن عيينة الحديث (كله بالخبر) أي بلفظ الأخبار في جميع السند لا بلفظ العنعنة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: بالخبر كله بتقديم الخبر على كله أي حدّثنا بجميعه مستوفى، وهذا وصله الحميدي في مسند عبد الله بن عمر من مسنده.
٦٠٨٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ ﷺ فَقَالَ: هَلَكْتُ، وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِى فِى رَمَضَانَ، قَالَ: «أَعْتِقْ رَقَبَةً» قَالَ: لَيْسَ لِى قَالَ: «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ: «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالَ: لَا أَجِدُ فَأُتِىَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: الْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فَقَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟ تَصَدَّقْ بِهَا» قَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّى وَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِىُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قَالَ: «فَأَنْتُمْ إِذًا».
وبه قال: (حدّثنا موسى) بن إسماعيل التبوذكي بفتح الفوقية وضم الموحدة وسكون الواو وفتح المعجمة قال: (حدّثنا إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة ﵁ قال: أتى رجل) أعرابي (النبي ﷺ فقال: هلكت) أي فعلت ما هو سبب لهلاكي وذلك أني (وقعت على أهلي) أي وطئت امرأتي (في رمضان) وأنا صائم (قال) ﷺ:
(أعتق) بفتح الهمزة وكسر الفوقية (رقبة قال: ليس لي) ما أعتق به رقبة (قال) له ﷺ: (فصم شهرين متتابعين) ظرف زمان مفعول على السعة بتقدير زمن شهرين متتابعين صفته (قال: لا أستطيع) ذلك (قال) ﵊: (فأطعم ستين مسكينًا قال: لا أجد) ما أطعمهم (فأتي النبي ﷺ) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (بعرق) بفتح العين المهملة والراء وتسكن (فيه تمر. قال إبراهيم) بن سعد بالسند السابق: (العرق) هو (المكتل) بكسر الميم