وسكون الكاف وفتح الفوقية من الخوص وهو يجمع خمسة عشر صاعًا، وأخذ من ذلك أن إطعام كل مسكين مد لأن الصاع أربعة أمداد وقد أمر بصرف هذه الخمسة عشر صاعًا إلى ستين وقسمة خمسة عشر على ستين كل واحد ربع صاع وهو مد (فقال)ﷺ: (أين السائل)؟ قال: أنا. قال:(تصدق بها) أي الصيعان ولأبي ذر عن الكشميهني بهذا أي التمر على المساكين (قال) ولأبي ذر فقال: (على أفقر
مني) متعلق بفعل محذوف يدل عليه الكلام أي أتصدق به على أفقر مني أي على أحد أفقر مني فهو قائم مقام موصوفه وحذف همزة الاستفهام كثير والفعل لدلالة تصدق بها عليه (والله) ولأبي ذر فوالله (ما بين لابتيها) تثنية لابة بتخفيف الموحدة من غير همزة يريد الحرّتين وهما أرض ذات حجارة سود للمدينة حرتان هي بينهما (أهل بيت أفقر منا) أهل بيت مبتدأ والخبر من بين والعامل في وأفقر صفة للمبتدأ أو خبر مبتدأ محذوف أي هم أفقر أهل بيت هذا على أن ما تميمية وإن جعلتها حجازية فأهل بيت اسمها وأفقر خبرها والظرف متعلق بالخبر وهو أفعل وذلك جائز في أفعل نحو قولك: زيد عندك أفضل من عمرو، ولا يبطل عمل ما بالفصل بمفعول الخبر نحو قولك: ما عندي زيد قائمًا قاله ابن مالك وغيره كما في العدّة لابن فرحون (فضحك النبي ﷺ) تعجبًّا من حال الرجل لكونه جاء أوّلاً هالكًا ثم انتقل لطلب الطعام لنفسه وعياله أو من رحمة الله به وسعته عليه والضحك غير التبسم، وأما قوله فتبسم ضاحكًا فقال في الكشاف فتبسم شارعًا في الضحك، وقال أبو البقاء: ضاحكًا حال مؤكدة. وقال صاحب الكشف: هي حال مقدرة أي فتبسم مقدرًا الضحك ولا يكون محمولاً على الحال المطلق لأن التبسم غير الضحك فإنه ابتداء الضحك وإنما يصير التبسم ضحكًا إذا اتصل ودام فلا بدّ من هذا التقدير وأكثر ضحك الأنبياء التبسم، وسقط لأبي ذر قوله النبي الخ. (حتى بدت نواجذه) بالجيم والذال المعجمة وهي من الأسنان الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك، والأكثر الأشهر أنها أقصى الأسنان والمراد الأول لأنه ما كان يبلغ به الضحك حتى يبدو آخر أضراسه، ولو أريد الثاني لكان مبالغة في الضحك من غير أن يراد ظهور نواجذه في الضحك وهو أقيس لاشتهار النواجذ بأواخر الأسنان، وإليه الإشارة يقول الزمخشري والغرض المبالغة في وصف ما وجد من الضحك النبوي قاله الطيبي. (قال)ﷺ للرجل: (فأنتم إذًا) جواب أي إن لم يكن أفقر منكم فكلوا أنتم حينئذٍ وهذا على سبيل الإنفاق على العيال إذ الكفارة إنما هي على سبيل التراخي أو هو على سبيل التكفير فهو خصوصية له.
وبه قال:(حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي) سقط الأويسي لأبي ذر قال: (حدّثنا مالك) الإمام (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن) عمه (أنس بن مالك) أنه (قال: كنت أمشي مع رسول الله) ولأبي ذر مع النبي (ﷺ وعليه برد) بضم الموحدة وسكون الراء نوع من
الثياب ولمسلم من طريق الأوزاعي وعليه رداء (نجراني) بفتح النون وسكون الجيم بعدها راء فألف فنون منسوب إلى بلد بين الحجاز واليمن (غليظ الحاشية فأدركه أعرابي) من أهل البادية (فجبذ بردائه) بجيم فموحدة فمعجمة مفتوحات (جبذة شديدة. قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي ﷺ وقد أثرت بها) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فيها (حاشية الرداء) ولمسلم من طريق همام حتى انشق البرد وذهبت حاشيته (من شدة جبذته ثم قال: يا محمد مر لي) بضم الميم وسكون الراء وفي رواية الأوزاعي أعطنا (من مال الله الذي عندك فالتفت إليه) صلوات الله وسلامه عليه (فضحك) زاده الله شرفًا لديه (ثم أمر له بعطاء) وفيه بيان حلمه وصبره على الأذى في النفس والمال ﷺ.