المفتوحتين الكساء الأسود المربع (إن أعطي) بضم الهمزة وكسر الطاء (رضي وإن لم يعط لم يرض) قال تعالى: {فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون} [التوبة: ٥٨] وفيه إيذان بشدة الحرص على ذلك وجعله عبدًا لها لشغفه وحرصه فمن كان عبدًا لهواه لم يصدق في حقه
إياك نعبد ولا يكون من اتصف بذلك صدّيقًا والظاهر أن الجملة تفسير لمعنى عبوديته للدينار والدرهم فلا محل لها من الإعراب.
والحديث سبق في الجهاد في باب الحراسة في الغزو وأخرجه ابن ماجة.
٦٤٣٦ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَوْ كَانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا، وَلَا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَاّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ».
وبه قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل البصري (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (عن عطاء) هو ابن أبي رباح أنه (قال: سمعت ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(لو كان لابن آدم واديان من مال) تثنية واد وهو معروف وربما اكتفوا بالكسرة عن الياء كما قال:
قرقر قمر الواد بالشاهق
والجمع الأودية على غير قياس كأنه جمع ودي مثل سري وأسرية للنهر. وفي حديث ابن الزبير المذكور هنا لو أن ابن آدم أعطي واديًا من ذهب (لا ينبغي) بالغين المعجمة لطلب (ثالثًا) وفي حديث ابن الزبير أحب إليه ثانيًا (ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب) كناية عن الموت لاستلزامه الامتلاء كأنه قال: لا يشبع من الدنيا حتى يموت (ويتوب الله على من تاب) من المعصية ورجع عنها أي يوفقه للتوبة أو يرجع عليه من التشديد إلى التوفيق أو يرجع عليه بقبوله، والمراد من الحديث ذم الحرص على الدنيا والشره على الازدياد، وأخرجه مسلم في الزكاة.
٦٤٣٧ - حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالاً لأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلَا يَمْلأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلَاّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَا أَدْرِى مِنَ الْقُرْآنِ هُوَ أَمْ لَا. قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (محمد) هو ابن سلام وفي اليونينية محمد بن المثنى ألحق ابن المثنى بين محمد وبين قوله أخبرنا بكتابة رفيعة (قال: أخبرنا مخلد) بفح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح اللام ابن يزيد من الزيادة الحراني قال: (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك (قال: سمعت عطاء) هو ابن أبي رباح (يقول: سمعت ابن عباس) -رضي الله عنهما- (يقول: سمعت رسول الله) ولأبي ذر نبي الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(لو أن لابن آدم مثل واد) بكسر الميم وسكون المثلثة بعدها لام ولأبي ذر عن الكشميهني ملء بحذف المثلثة وزيادة همزة بعد اللام الساكنة قال في الصحاح: هو اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ (مالاً) وفي حديث زيد بن أرقم عند أحمد من ذهب وفضة (لأحب أن له إليه مثله ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب). قال الطيبي: وقع قوله ولا يملأ الخ موقع التذييل والتقرير للكلام السابق كأنه قيل ولا يشبع من خلق من تراب إلا التراب (وبتوب الله على من تاب) أي يقبل توبة الحريص كما يقبلها من غيره (قال ابن عباس) -رضي الله عنهما-: (فلا أدري من القرآن) المنسوخ تلاوته (هو) أي الحديث المذكور (أم لا) ومبحث ذلك يأتي في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
(قال) عطاء بالسند السابق (وسمعت ابن الزبير) عبد الله (يقول: ذلك) الحديث باللفظ المذكور بغير زيادة ابن عباس فلا أدري من القرآن هو أم لا. وقال في الكواكب: ويحتمل أن يراد به قول لا أدري أيضًا (على المنبر) بمكة المشرفة.
٦٤٣٨ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَكَّةَ فِى خُطْبَتِهِ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِىَ وَادِيًا مَلأً مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَوْ أُعْطِىَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا، وَلَا يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَاّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ».
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عبد الرَّحمن بن سليمان بن الغسيل) بفتح المعجمة وكسر المهملة أي مغسول الملائكة حين استشهد وهو جنب وهو حنظلة بن أبي عامر الأوسي وهو جد سليمان المذكور لأنه ابن عبد الله بن حنظلة ولعبد الله صحبة وعبد الرَّحمن من صغار التابعين (عن عباس بن سهل بن سعد) بسكون العين والهاء وعباس بالموحدة المشددة آخره مهملة أنه (قال: سمعت ابن الزبير) عبد الله (على المنبر بمكة) ولأبي ذر على منبر مكة (في خطبته يقول: يا أيها الناس إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول):
(لو أن ابن آدم أعطي) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (واديًا ملأ) بفتح الميم وسكون اللام بعدها همزة منونًا ولأبي ذر ملآن (من ذهب أحب إليه ثانيًا ولو أعطي ثانيًا أحب إليه ثالثًا ولا يسدّ جوف) وفي رواية أبي عاصم عن ابن جريج السابقة في هذا الباب ولا يملأ جوف (ابن آدم إلا التراب) قال