(سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: لا نورث) بضم النون وفتح الراء مخففة وعند النسائي من حديث الزبير إنّا معاشر الأنبياء لا نورث (ما تركنا صدقة) بالرفع خبر ما الموصول كما مرّ وجوّز بعضهم النصب، وفيه بحث سبق في الخمس فلا نطيل به فليراجع، وفي العلل للدارقطني من رواية أم هانئ عن فاطمة عليها السلام عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-: الأنبياء لا يورثون والحكمة في أن لا يورثوا أن الله بعثهم مبلغين رسالته
وأمرهم أن لا يأخذوا على ذلك أجرًا قال تعالى {قل لا أسألكم عليه أجرًا}[الأنعام: ٩٠] وقال نوح وهود وغيرهما نحو ذلك فكانت الحكمة أن لا يورثوا لئلا يظن أنهم جمعوا المال لوارثهم، وأما قوله تعالى {وورث سليمان داود}[النمل: ١٦] فحملوه على العلم والحكمة وكذا قول زكريا فهب لي من لدنك وليًّا يرثني (إنما يأكل آل محمد) عليه الصلاة والسلام (من) بعض (هذا المال) بقدر حاجتهم وما بقي منه للمصالح وليس المراد أنهم لا يأكلون إلا منه ومن للتبعيض. (قال أبو بكر: والله لا أدع) لا أترك (أمرًا رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصنعه فيه) في المال (إلا صنعته. قال: فهجرته فاطمة) -رضي الله عنها- أي هجرت أبا بكر -رضي الله عنه- (فلم تكلمه حتى ماتت) قريبًا من ذلك بنحو ستة أشهر وليس المراد الهجران المحرّم من ترك السلام ونحوه، بل المراد أنها انقبضت عن لقائه قاله في الكواكب.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل بن أبان) بفتح الهمزة والموحدة المخففة وبعد الألف نون أبو إسحاق الوراق الأزدي قال: (أخبرنا ابن المبارك) عبد الله المروزي (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) -رضي الله عنها- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(لا نورث ما تركنا) هو (صدقة). قال ابن المنير في الحاشية: يستفاد منه أن من قال: داري مثلاً صدقة لا تورث أنها تكون حبسًا ولا يحتاج إلى التصريح بالوقف والحبس قال في الفتح: وهو حسن لكن هل يكون ذلك صريحًا أو كناية يحتاج إلى نيّة.
وبه قال:(حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة مصغرًا ونسبه لجده واسم أبيه عبد الله قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (مالك بن يوسف بن الحدثان) بفتح الحاء والدال المهملتين والمثلثة قال ابن شهاب (وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكرًا من حديثه) أي من حديث مالك بن أوس (ذلك) الآتي ذكره (فانطلقت حتى دخلت عليه) أي على مالك بن أوس حتى أسمع منه بلا واسطة (فسألته) عن ذلك الحديث (فقال: انطلقت حتى ادخل على عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (فأتاه حاجبه يرفى) بفتح الياء التحتية وسكون الراء وفتح الفاء بعدها تحتية خطأ، ولأبي ذر بالألف بدل التحتية بغير همز في الفرع كأصله. وقال العيني كالكرماني بالهمز وغيره، وقال الحافظ ابن حجر: وبالهمز روايتنا من طريق أبي ذر (فقال) له: (هل لك) رغبة (في) دخول (عثمان) بن عفان عليك (وعبد الرَّحمن) بن عوف (والزبير) بن العوّام (وسعد) بسكون العين ابن أبي وقاص وزاد النسائي على الأربعة طلحة بن عبيد الله (قال: نعم فأذن لهم) فدخلوا فسلموا وجلسوا (ثم قال): يرفى لعمر -رضي الله عنه- (هل لك) رغبة (في علي) أي ابن أبي طالب (وعباس)؟ أي ابن عبد المطلب (قال: نعم) فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا (قال عباس) لعمر: (يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا) أي عليّ زاد في الخمس وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بني النضير فقال الرهط عثمان وأصحابه يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر (قال) عمر: (أنشدكم) بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة أي أسألكم (بالله الذي بإذنه تقوم السماء) فوق رؤوسكم بلا محمد (والأرض) على الماء تحت أقدامكم (هل تعلمون أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):