للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان لفظها استفهامًا فمعناها النفي ولذا دخلت إلا في قوله إلا بإذنه وعنده متعلق بيشفع أو بمحذوف لكونه حالاً من الضمير في يشفع أي يشفع مستقرًّا عنده وقوي هذا الوجه بأنه إذا لم يشفع عنده من هو عنده وقريب منه فشفاعة غيره أبعد وهذا بيان لملكوته وكبريائه وأن أحدًا لا يتمالك أن يتكلم يوم القيامة إلا إذا أذن له في الكلام وفيه ردّ لزعم الكفار أن الأصنام تشفع لهم.

(وقال مسروق) هو ابن الأجدع مما وصله البيهقي في الأسماء والصفات من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن مسلم بن صبيح وهو أبو الضحى عن مسروق (عن ابن مسعود) عبد الله (إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات شيئًا) ولفظ البيهقي وهو عند أحمد سمع أهل السماء صلصلة كجرّ السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل فإذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم (فإذا فزع عن قلوبهم وسكن الصوت) بالنون بعد الكاف الخفيفة الصوت المخلوق لا سماع أهل السماوات والأدلة ناطقة بتنزيه الباري جل وعلا عن الصوت المستلزم للحدوث، ولأبي ذر عن الكشميهني: وثبت الصوت بمثلثة فموحدة ففوقية (عرفوا أنه الحق من ربكم) بالكاف وسقطت لغير أبي ذر (ونادوا ماذا قال ربكم)؟ لأنهم سمعوا قولاً ولم

يفهموا معناه كما ينبغي لفزعهم (قالوا) قال (الحق) وفي رواية أحمد ويقولون: يا جبريل ماذا قال ربكم؟ قال: فيقول الحق. قال: فينادون الحق الحق. قال البيهقي: ورواه أحمد بن أبي شريح الرازي وعلي بن إشكاب وعلي بن مسلم ثلاثتهم عن أبي معاوية مرفوعًا أخرجه أبو داود في السُّنن عنهم ولفظه مثله إلا أنه قال فيقولون ماذا قال ربك.

(ويذكر) بضم أوله بصيغة التمريض وفي كتاب العلم بصيغة الجزم (عن جابر) أي ابن عبد الله الأنصاري (عن عبد الله بن أنيس) بضم الهمزة وفتح النون الأنصاري أنه (قال: سمعت النبي يقول):

(يحشر الله) ﷿ (للعباد) يوم القيامة (فيناديهم) يقول لهم (بصوت) مخلوق غير قائم بذاته ويأمر تعالى من ينادي ففيه مجاز الحذف.

وقال البيهقي: الكلام ما ينطق به المتكلم وهو مستقر في نفسه ومنه قول عمر في حديث السقيفة وكنت هيأت في نفسي كلامًا فسماه كلامًا قبل التكلم به فان كان المتكلم ذا مخارج سمع كلامه ذا حروف وأصوات وإن كان غير ذي مخارج فهو بخلاف ذلك والباري تعالى ليس بذي مخارج فلا يكون كلامه بحروف وأصوات. فإذا فهمه السامع تلاه بحروف وأصوات.

وأما حديث ابن أنيس فاختلف الحفّاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه ولم يثبت لفظ الصوت في حديث صحيح مرفوع غير حديثه فإن ثبت رجع إلى حديث ابن مسعود يعني أن الملائكة يسمعون عند حصول الوحي صوتًا فيحتمل أن يكون صوت السماء أو الملك الآتي بالوحي أو صوت أجنحة الملائكة، وإذا احتمل ذلك لم يكن نصًّا في المسألة وأن الراوي أراد فينادي نداء فعبّر عنه بقوله بصوت. قال في الفتح: وهذا يلزم منه أن الله لم يسمع أحدًا من ملائكته ولا رسله كلامه بل ألهمهم إياه، وحاصل الاحتجاج للنفي الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين لأنها التي عهد أنها ذات مخارج ولا يخفى ما فيه إذ الصوت قد يكون من غير مخارج كما أن الرؤية قد تكون من غير اتصال أشعة كما تقرر. سلمنا لكن نمنع القياس المذكور وصفة الخالق لا تقاس على صفة المخلوقين فإذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به ثم التفويض وأما التأويل وقوله:

(يسمعه) أي الصوت (من بعد كما يسمعه من قرب) فيه خرق العادة إذ في سائر الأصوات التفاوت ظاهر بين القريب والبعيد وليعلم أن السموع كلام الله كما أن موسى لما كلمه الله كان يسمعه من جميع الجهات ومقول قوله تعالى (أنا الملك) ذو الملك (أنا الديان) لا مالك إلا أنا ولا مجازي إلا أنا، وهو من حصر المبتدأ في الخبر، وقال الحليمي: هو مأخوذ من قوله ملك يوم الدين وهو المحاسب المجازي لا يضيع عمل عامل. وقال في الكواكب: واختار هذا اللفظ لأن فيه إشارة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>