صفة له أو خبرًا وليس مع التقدير الأول أعم منه مع التقدير الثاني كما في مثالنا.
(ويقال) بضم أوله (للمصورين) يوم القيامة ولأبي ذر عن الكشميهني: ويقول أي الله أو الملك بأمره تعالى (أحيوا) بفتح الهمزة (ما خلقتم) أسند الخلق إليهم على سبيل الاستهزاء والتعجيز والتشبيه في الصورة فقط وقال ابن بطال إنما نسب خلقها إليهم تقريعًا لهم لمضاهاتهم الله تعالى في خلقه فبكّتهم بأن قال إذ شابهتم بما صوّرتم مخلوقات الله تعالى فأحيوها كما أحيا هو جل وعلا ما خلق.
وقال في الكواكب: أسند الخلق إليهم صريحًا وهو خلاف الترجمة لكن المراد كسبهم فأطلق لفظ الخلق عليه استهزاء أو ضمن خلقتم معنى صوّرتم تشبيهًا بالخلق أو أطلق بناءً على زعمهم فيه.
(﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام﴾) أي في ستة أوقات أو مقدار ستة أيام فإن المتعارف زمان طلوع الشمس إلى غروبها ولم يكن حينئذٍ وفي خلق الأشياء تدريجيًّا مع القدرة على إيجادها دفعة دليل على الاختيار واعتبار للنظار وحثّ على التأني في الأمور (﴿ثم استوى على العرش﴾) الاستواء افتعال من السواء والسواء يكون بمعنى العدل والوسط وبمعنى الإقبال كما نقله الهروي عن الفراء وتبعه ابن عرفة بمعنى الاستيلاء، وأنكره ابن الأعرابي. وقال الحرب: لا تقول استولى إلا لمن له مضادّ وفيما قاله نظر فإن الاستيلاء من الولاء وهو القرب أو من الولاية وكلاهما لا يفتقر في إطلاقه لمضادّ، وبمعنى اعتدل وبمعنى علا وإذا علم هذا فينزل على ذلك الاستواء الثابت للباري تعالى على الوجه اللائق به وقد ثبت عن الإمام مالك أنه سئل كيف استوى؟ فقال: كيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة فقوله: كيف غير معقول أي كيف من صفات الحوادث وكل ما كان من صفات الحوادث فإثباته في صفات الله تعالى ينافي ما يقتضيه العقل فيجزم بنفيه عن الله تعالى وقوله والاستواء غير مجهول أي أنه معلوم المعنى عند أهل اللغة والإيمان به على الوجه اللائق به تعالى واجب لأنه من
الإيمان بالله تعالى، وكتبه والسؤال عنه بدعة أي حادث لأن الصحابة ﵃ كانوا عالمين بمعناه اللائق بحسب اللغة فلم يحتاجوا للسؤال عنه فلما جاء من لم يحط بأوضاع لغتهم ولا له نور كنورهم يهديه لنور صفات الباري تعالى شرع يسأل عن ذلك فكان سؤاله سببًا لاشتباهه على الناس وزيغهم على العلماء حينئذٍ أن يهملوا البيان وقد مر أن استوى افتعل وأصله العدل، وحقيقة الاستواء المنسوب إلى الله تعالى في كتابه بمعنى اعتدل أي قام بالعدل وأصله من قوله شهد الله أنه لا إله إلا هو إلى قوله قائمًا بالقسط والعدل وهو استواؤه ويرجع معناه إلى أنه أعطى بعزته كل شيء خلقه موزونًا بحكمته المبالغة في التعريف لخلقه بوحدانيته ولذلك قرنه بقوله لا إله إلا هو العزيز الحكيم والاستواء المذكور في القرآن استواءان سماويّ وعرشي فالأول معدّى بإلى قال تعالى: ﴿ثم استوى إلى السماء﴾ [البقرة: ٢٩] والثاني بعلى لأنه تعالى قام بالقسط متعرقًا بوحدانيته في عالمين عالم الخلق وعالم الأمر وهو عالم التدبير فكان استواؤه على العرش للتدبير بعد انتهاء عالم الخلق وبهذا يفهم سر تعدية الاستواء العرشي بعلى لأن التدبير للأمر لا بد فيه من استعلاء واستيلاء والعرش جسم كسائر الأجسام سمي به لارتفاعه أو للتشبيه بسرير الملك فإن الأمور والتدابير تنزل منه (﴿يغشي الليل النهار﴾) يغطيه ولم يذكر عكسه للعلم به (﴿يطلبه حثيثًا﴾) يعقبه سريعًا كالطالب له لا يفصل بينهما شيء والحثيث فعيل من الحث وهو صفة مصدر محذوف أو حال من الفاعل بمعنى حاثًّا أو المفعول بمعنى محثوثًا (﴿والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره﴾) بقضائه وتصريفه ونصبها بالعطف على السماوات ونصب مسخرات على الحال (﴿ألا له الخلق والأمر﴾) فإنه الموجد والمتصرف (﴿تبارك الله رب العالمين﴾ [الأعراف: ٥٤]) تعالى بالوحدانية في الألوهية وتعظم بالتفرد في الربوبية وسقط لأبي ذر قوله: ﴿في ستة أيام﴾ إلى آخر الآية. وقال بعد قوله