للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأسماء والصفات متلازمان في الوجود والعدم بالتحقيق ولأن انتفاء تقديس الأسماء والصفات يستلزم انتفاء تقديس الذات لأنها قائمة بالذات ومقتضياتها لكن انتفاء تقديس الذات منتفٍ، وإذا حصل الاعتراف والاعتقاد بأنه منزّه عن جميع النقائص وما لا ينبغي أن ينسب إليه ثبتت الكمالات ضرورة التزامًا وحصل توحيد الربوبية وثبت التقديس في كل كمال عن المشابهة والمماثلة والشركة وكلا ما لا يليق فثبت أنه الرب على الإطلاق للأنفس والآفاق فهو المستحق لأن يشكر ويعبد بكل ما يمكن على الانفراد بالحق والحقيقة وتوحيد الربوبية حجة ملزمة وبرهان موجب توحيد الألوهية فتتضمن هذه الكلمة إثبات التوحيدين كما تتضمن إثبات الكمالين، وهذان الإثباتان في ضمنهما كل مدح ممكن فيما يرجع إلى الله تعالى ولما كان الاتّصاف بالكمال الوجودي مشروطًا بخلوّه عما ينافيه قدّم التسبيح على التحميد في الذكر ما تقدّم التخلية عن التحلية ومن هذا القبيل تقدّم النفي على الإثبات في لا إله إلا الله انتهى.

والواو في قوله: (وبحمده) للحال أي أسبّحه متلبّسًا بحمدي له من أجل توقه لي للتسبيح ونحوه، وقيل عاطفة أي أسبّح وأتلبس بحمده وأما الباء فيحتمل أن تكون سببية أي أسبّح الله وأثني عليه بحمده، وقال ابن هشام في مغنيه: اختلف في الباء من قوله فسبّح بحمد ربك فقيل: إنها للمصاحبة والحمد مضاف للمفعول أي سبّحه حامدًا له أي نزّهه عما لا يليق به وأثبت له ما يليق به. قال البدر الدماميني في شرحه للمغني: قصد أي ابن هشام تفسير التسبيح والحمد بما ذكره إذ هو الثناء بالصفات الجميلة.

فان قلت: من أين يلزم الأمر بالحمد وهو إنما وقع حالاً مقيدة للتسبيح ولا يلزم من الأمر

بشيء الأمر بحاله المقيدة له بدليل اضرب هندًا جالسة؟ وأجاب: بأنه إنما يلزم ذلك إذا لم يكن الحال من نوع الفعل المأمور به ولا من فعل الشخص المأمور كالمثال المذكور أما إذا كانت بعض أنواع الفعل المأمور به نحو: حج مفردًا أو قارنًا أو كانت من فعل المأمور به نحو: ادخل مكة محرمًا فهي مأمور بها وما تكلم فيه في المغني من هذا القبيل انتهى.

قال في المغني: وقيل الباء للاستعانة والحمد مضاف للفاعل أي سبّحه بما حمد به نفسه إذ ليس كل تنزيه محمودًا ألا ترى أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات، وقال الخطابي: المعنى وبمعونتك التي هي نعمة توجب عليّ حمدك سبّحتك لا بحولي وقوّتي يريد أنه مما أقيم فيه المسبب مقام السبب ثم إن جنس الحمد كما قاله بعض العلماء لما وقع ذكره بعد التقديس عن كل ما لا يليق به تعالى بغير تخصيص بعض المحامد تضمن الكلام، واستلزام إثبات جميع الكمالات الوجودية الجائزة له مطابقة ولزم منه التقديس عن كل ما لا يليق وهو كل ما ينافيها ولا يجامعها هذا مع أن كلمة الجلالة تدل على الذات المقدسة المستجمعة للكمالات أجمع، وكذا الضمير في وبحمده إلى الهوية الخاصة السبوحية القدوسية الجامعة لجميع خاصيات الذات الواجبة وخواصها فهذه الكلمة اشتملت على اسمي الذات اللذين لا أجمع منهما. أحدهما فيه اعتبار عليه أحكام الشهادة والغيب والآخر فيه علية أحكام الغيب وغيب الغيب، وأيضًا تشتمل على جميع التقديسات والتنزيهات وعلى جميع الأسماء والصفات وعلى كل توحيد.

وختم بقوله: (سبحان الله العظيم) ليجمع بين مقامي الرجاء والخوف إذ معنى الرحمن يرجع إلى الإنعام والإحسان ومعنى العظيم يرجع إلى الخوف من هيبته تعالى، وقوله سبحان إلى آخره مبتدأ وما بينه وبين الخبر صفة له بعد صفة.

وقد أورد صاحب المصابيح سؤالين فقال: فإن قلت: المبتدأ مرفوع وسبحان الله في المحلين منصوب فكيف وقع مبتدأ مع ذلك؟ وأجاب: بأن لفظهما محكي، وقال في الثاني فإن قلت: الخبر مثنى والمخبر عنه غير متعدد ضرورة أنه ليس ثم حرف عطف يجمعهما. ألا ترى أنه لا يصح قولك زيد عمرو قائمان. وأجاب: بأنه على حذف العاطف أي سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم كلمتان خفيفتان على اللسان إلى آخره.

وقد نص أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>