يضرب بها هامة الآدمي، فيقع رأسه جانبًا، وتقع الصخرة جانبًا (فانطلق إليه) أي: إلى الحجر (ليأخذه) فيصنع به كما صنع (فلا يرجع إلى هذا) الذي شدخ رأسه (حتى يلتئم رأسه) وفي التعبير: حتى يصح رأسه (وعاد رأسه كما هو، فعاد إليه فضربه، قلت) لهما: (من هذا؟ قالا: انطلق) مرة واحدة.
(فانطلقنا إلى ثقب) بفتح المثلثة وسكون القاف، وللكشميهني: نقب بالنون المفتوحة وسكون القاف، وعزا هذه في المطالع للأصيلي، لكنه قال: بالنون وفتح القاف، وقال: هو بمعنى ثقب، بالمثلثة (مثل التنور) بفتح المثناة الفوقية وضم النون المشددتين آخره راء، ما يخبز فيه (أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد) بفتح الياء (تحته) بنصب التاء الثانية أي: تحت التنور (نارًا) بالنصب على التمييز.
وأسند يتوقد إلى ضمير عائد إلى الثقب. كقولك: مررت بامرأة تتضوع من أردانها طيبًا. أي: يتضوع طيبها من أردانها، فكأنه قال: يتوقد ناره تحته. قاله ابن مالك، قال البدر الدماميني: وهو صريح في أن تحته منصوب لا مرفوع، وقال: إنه رآه في نسخة بضم التاء الثانية، وصحح عليها، قال: وكان هذا بناء على أن تحته فاعل يتوقد، ونصوص أهل العربية تأباه. فقد صرحوا بأن فوق وتحت من الظروف المكانية العادمة التصرف. اهـ.
وقال ابن مالك: ويجوز أن يكون فاعل يتوقد موصولاً بتحته، فحذف، وبقيت صلته دالة عليها لوضوح المعنى، والتقدير: يتوقد الذي تحته، أو: ما تحته نارًا وهو مذهب الكوفيين، والأخفش. واستصوبه ابن مالك، ولأبوي ذر، والوقت: يتوقد تحته نار، بالرفع على أنه فاعل يتوقد.
(فإذا اقترب) بالموحدة آخره، من القرب أي: إذا اقترب الوقود أو الحر الدال عليه قوله: يتوقد. وللكشميهني: فإذا اقترنت بهمزة قطع فقاف فمثناتين فوقيتين بينهما راء، من: القترة أي: التهبت وارتفع نارها، لأن القتر الغبار. وفي رواية ابن السكن والقابسي وعبدوس: فترت، بفاء ومثناة فوقية مفتوحتين وتاء ساكنة بينهما راء، وهو الانكسار والضعف. واستشكل، لأن بعده: فإذا خمدت رجعوا، أو معنى الفتور والخمود واحد، وعند الحميدي، مما عزاه له في شرح المشارق: فإذا ارتقت، من الارتقاء وهو الصعود، قال الطيبي: وهو الصحيح دراية ورواية. كذا قال، وعند أحمد: فإذا أوقدت.
(ارتفعوا) بجواب إذا، والضمير فيه يرجع إلى الناس لدلالة سياق الكلام عليه، (حتى كاد أن يخرجوا) أن: مصدرية، والخبر محذوف، أي: كاد خروجهم يتحقق ولأبوي ذر، والوقت: كادوا يخرجون (فإذا خمدت) بفتح الخاء والميم، أي: سكن لعبها ولم يطفأ حرها (رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة، فقلت) لهما: (من هذا؟) ولأبي الوقت، من غير اليونينية: ما هذا (قالا: انطلق).
(فانطلقنا) ولفظة: فانطلقنا ساقطة عند أبي ذر (حتى أتينا على نهر) بفتح الهاء وسكونها (من دم) وفي التعبير: فأتينا على نهر، حسبت أنه كان يقول: أحمر مثل الدم (فيه رجل قائم على) ولأبي الوقت: وعلى (وسط النهر رجل) بفتح السين وسكونها، ولأبي ذر، قال يزيد، أي: ابن هارون مما وصله أحمد عنه، ووهب بن جرير مما وصله أبو عوانة في صحيحه، من طريقه، عن جرير بن حازم؛ وعلى شط النهر رجل، بشين معجمة وتشديد الظاء (بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج) من النهر (رمى الرجل) الذي بين يديه الحجارة (بحجر في فيه) أي: في فمه (فرده حيث كان) من النهر (فجعل كلما جاء ليخرج) من النهر (رمى في فيه بحجر، فيرجع كما كان) فيه. كما قال ابن مالك في التوضيح: وقوع خبر جعل التي هي من أفعال المقاربة جملة فعلية مصدرية بكلما، والأصل فيه: أن يكون فعلاً مضارعًا، تقول: جعلت أفعل كذا. هذا هو الاستعمال المطرد، وما جاء بخلافه فهو منبه على أصل متروك، وذلك أن سائر أفعال المقاربة مثل كان في الدخول على مبتدأ وخبر، فالأصل أن يكون خبرها كخبر كان في وقوعه مفردًّا وجملة اسمية، وفعلية، وظرفًا. فترك الأصل والتزم أن يكون الخبر مضارعًا، ثم نبه على الأصل شذوذًا في مواضع (فقلت ما هذا؟ قالا: انطلق).