للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذر (حتى انتهينا إلى روضة خضراء، فيها شجرة عظيمة) زاد في التعبير: فيها من كل لون الربيع (وفي أصلها شيخ وصبيان) وفي التعبير: فإذا بين ظهراني الروضة رجل طويل لا أكاد أرى طولاً في السماء، وإذا حوله من أكثر ولدان رأيتهم قط (وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها) في التعبير: فانطلقنا، فأتينا على رجل كريه المرآة، كأكره ما أنت راء رجلاً مرآة، وإذا عنده نار يحشها ويسعى حولها (فصعدا بي) بالموحدة "وكسر العين (في الشجرة) التي هي، في الروضة الخضراء (وأدخلاني) بالنون (دارًا لم أر قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب) ولأبي الوقت من غير اليونينية: وشبان، بنون آخره بدل الموحدة وتشديد السابقة (ونساء وصبيان، ثم أخرجاني منها) أي: من الدار (فصعدا بي الشجرة) أيضًا (فأدخلاني) بالفاء، ولابن عساكر، وأدخلاني (دارًا هي أحسن وأفضل) من الأولى (فيها شيوخ وشباب) ولأبي الوقت، من غير اليونينية: وشبان (فقلت) لهما (طوفتماني الليلة) بطاء مفتوحة وواو مشددة ونون قبل الياء، ولأبي الوقت: طوّفتما بي بالموحدة بدل النون (فأخبراني) بكسر الموحدة (عما رأيت؟ قال لا: نعم) نخبرك.

(أما الذي رأيته يشق شدقه)، بضم الياء وفتح الشين مبنيًّا للمفعول، وشدقه بالرفع مفعول ناب عن فاعله (فكذاب يحدث بالكذبة) بفتح الكاف ويجوز كسرها، قال في القاموس: كذب يكذب كذبًا وكذبًا وكذبة وكذبة (فتحمل عنه حتى يبلغ الآفاق) بتخفيف ميم تحمل، و: الفاء، في قوله: فكذاب جواب أما لكن الأغلب في الموصول الذي تدخل الفاء في خبره أن يكون عامًا مثل: من، الشرطية. وصلته مستقبلة، وقد يكون خاصًّا وصلته ماضية، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا

أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٦٦] وكما في هذا الحديث نحو: الذي يأتيني فمكرم، فلو كان المقصود: بالذي معينًا، امتنع دخول الفاء على الخبر، كما يمتنع دخولها على أخبار المبتدءات المقصود بها التعيين، نحو: زيد فمكرم، فمكرم، لم يجز فكذا لا يجوز الذي يأتيني إذا قصدت به معينًا. لكن الذي يأتيني عند قصد التعيين شبيه في اللفظ بالذي يأتيني عند قصد العموم، فجاز دخول الفاء حملاً للشبيه على الشبيه، ونظيره قوله تعالى: ﴿وما أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ الله﴾ [آل عمران: ١٦٦] فإن مدلول: ما، معين ومدلول: أصابكم، ماض. إلا أنه روعي فيه الشبه اللفظي، فشبه هذه الآية بقوله: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠] فأجرى: ما، في مصاحبة الفاء مجرى واحد. قاله ابن مالك. قال الطيبي في شرح مشكاته: هذا كلام متين. لكن جواب الملكين تفصيل لتلك الرؤيا المتعددة المبهمة، فلا بد من ذكر كلمة التفصيل، كما في البخاري أو تقديرها، أي: فالفاء جواب أما (فيصنع به ما رأيت) من شق شدقه (إلى يوم القيامة) لما ينشأ عن تلك الكذبة من المفاسد.

(و) أما (الذي رأيته يشدخ رأسه) بضم الياء وفتح الدال من: يشدخ مبنيًّا للمفعول، ورأسه نائب عن الفاعل (فرجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل) أي: أعرض عن تلاوته (ولم يعمل فيه بالنهار) ظاهره أنه يعذب على ترك تلاوة القرآن بالليل، لكن يحتمل أن يكون التعذيب على مجموع الأمرين: ترك القراءة وترك العمل. (يفعل به) ما رأيت من الشدخ (إلى يوم القيامة) لأن الإعراض عن القرآن بعد حفظه جناية عظيمة، لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب الإعراض عنه، فلما أعرض عن أفضل الأشياء عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس.

(و) أما الفريق (الذي رأيته في الثقب) بفتح المثلثة، ولأبي الوقت: في النقب (فهم الزناة) وإنما قدر بقوله: وأما الفريق، لأنه قد يستشكل الأخبار عن الذي بقوله: هم الزناة، لا سيما والعائد على الذي من قوله والذي رأيته لا يخفى مفردًا، فروعي اللفظ تارة، والمعنى أخرى. قاله في المصابيح.

(و) الفريق (الذي رأيته في النهر أكلو الربا، والشيخ) الكائن (في أصل الشجرة إبراهيم) الخليل وقدر بالكائن لأن الظاهر كون الظرف، أعني: في الشجرة صفة للشيخ، فيقدر عامله اسمًا معرفًا لذلك رعاية لجانب المعنى، وإن كان المشهور تقديره فعلاً أو اسمًا منكرًا. لكن ذلك إنما

<<  <  ج: ص:  >  >>