للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاختصار على كلمة الشهادة في سببية دخول الجنة اقتصار من بعض الرواة لا من رسول الله بدليل مجيئه تامًّا في رواية غيره، ويجوز أن يكون اختصارًا من الرسول فيما خاطب به الكفار عبدة الأوثان (١) الذين كان توحيدهم بالله تعالى مصحوبًا بسائر ما يتوقف عليه الإسلام ومستلزمًا له، والكافر إذا كان لا يقرّ بالوحدانية كالوثني والثنوي وقال: لا إله إلا الله وحاله الحال التي حكيناها حكم بإسلامه.

قال النووي (٢): ويمكن الجمعُ بين الأدلّة بأن يقال: المراد باستحقاقه الجنّة أنه لا بدّ من دخولها لكل موحد إما معجلًا معافىً، وإما مؤخرًا بعد عقابه، والمراد بتحريم النار تحريم الخلود.

وحكي ذلك عن القاضي عياض (٣) وقال: إنه في نهاية الحُسْنِ ولا بدّ من المصير إلى التأويل (٤) لما ورد في نصوص القرآن والسنّة بذكر كثير من الواجبات الشرعية، والتصريح بأن تركها موجب للنار. وكذلك ورود النصوص بذكر كثير من المحرمات وتوعد فاعلها بالنار.

وأمّا الأحاديث التي أوردها المصنف [رحمه الله تعالى] (٥) في تأييد ما ذكره من التأويل فالنزاع [فيها] (٦) كالنزاع في إطلاق الكفر على تارك الصلاة، وقد عرفناك أن سبب الوقوع في مضيق التأويل توهم الملازمة بين الكفر وعدم المغفرة، وليس بكلية كما عرفت، وانتفاء كليتها يريحك من تأويل ما ورد في كثير من الأحاديث.

منها ما ذكره المصنف [رحمه الله تعالى] (٥).


(١) وهذا من باب القصر الإضافي: أي بالنسبة لطائفة معينة من الناس وهم أهل الأوثان، الذين لا تقبل توبتهم حتى يخلصوها لله تعالى.
(٢) في "شرحه لصحيح مسلم" (١/ ٢٢٠).
(٣) كما في "شرح صحيح مسلم" (١/ ٢٢٠).
(٤) قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٦/ ٤٧٥): "وإن المتعيّن على من يتكلم على الأحاديث أن يجمع طُرقها، ثم يجمع ألفاظ المتون إذا صحت الطُّرُق، ويشرحها على أنه حديث واحد، فإنّ الحديث أولى ما فسَّر بالحديث" اهـ.
(٥) زيادة من (جـ).
(٦) زيادة من المخطوط (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>