للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محافظة على الوقت ولا يجوز تأخيرها، قالوا: لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا تفوته لأجله، وظاهر قوله: "ولا تعجل حتى [تفرغ] (١) "أنه يستوفي حاجته من الطعام بكمالها، وهو يرد ما ذكره بعض الشافعية من أنه يقتصر على تناول لقمات يكسر بها سَورة الجوع.

قال النووي (٢): وهذا الحديث صريح في إبطاله. وقد استدلّ بالأحاديث المذكورة على أن الجماعة ليست بواجبة.

قال ابن دقيق العيد (٣): وهذا صحيح إن أريد به أن حضور الطعام مع التشوّف إليه عذر في ترك الجماعة، وإن أريد به الاستدلال على أنها ليست بفرض من غير عذر لم يصح ذلك، انتهى.

ويؤيّده أن ابن حبان وهو من القائلين بوجوب الجماعة جعل حضور الطعام عذرًا في تركها. وقد استدلّ أيضًا بهذه الأحاديث على التوسعة في وقت المغرب، وقد تقدم الكلام في ذلك، وقد ألحق بالطعام ما يحصل بتأخيره تشويش الخاطر بجامع ذهاب الخشوع الذي هو روح الصلاة.

وقوله: (إذا حضر العَشاء ووضع عَشاء أحدكم)، دليل على اعتبار الحضور الحقيقي. ومن نظر إلى المعنى من أهل القياس لا يقصر الحكم على الحضور بل يقول به عند وجود المعنى وهو التشوّف إلى الطعام، ولا شكّ أن حضور الطعام مؤثر لزيادة الاشتغال به، والتطلّع إليه، ويمكن أن يكون الشارع قد اعتبر هذه الزيادة في تقديم الطعام، وقد تقرّر في الأصول أن محل النص إذا اشتمل على وصف يمكن أن يكون معتبرًا لم يلغ. قال ابن دقيق العيد (٤): إنه لا يبعد إلحاق ما كان متيسّر الحضور عن قرب بالحاضر.


(١) في (جـ): (يفرغ).
(٢) في شرح صحيح مسلم (١/ ٤٦).
(٣) في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (١/ ١٤٧).
(٤) في "إحكام الأحكام" (١/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>