للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلّى قبل المغرب ركعتين"، فقد ثبتتا عنه قولًا - كما سيأتي - وفعلًا وتقريرًا.

واحتجّ من قال بالكراهة بحديث عقبة بن عامر (١) الذي قد مرّ ذكره في باب وقت صلاة المغرب، وهو يدلّ على شرعية تعجيلها، وفعلهما يؤدّي إلى تأخير المغرب.

والحقّ أن الأحاديث الواردة بشرعية الركعتين قبل المغرب مخصّصة لعموم أدلّة استحباب التعجيل.

قال النووي (٢): وأمّا قولهم يؤدّي إلى تأخير المغرب فهذا خيال منابذ للسنّة ولا يلتفت إليه، ومع هذا فهو زمن يسير لا تتأخّر به الصلاة عن أوّل وقتها. وأمّا من زعم النسخ فهو مجازف لأن النسخ لا يصار إليه إلّا إذا عجزنا عن التأويل والجمع بين الأحاديث وعلمنا التاريخ، وليس هنا شيء من ذلك، انتهى.

وهذا الاستحباب ما لم تقم الصلاة كسائر النوافل؛ لحديث: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة" (٣).

واعلمْ أنَّ التعليل للكراهة بتأدية الركعتين إلى تأخير المغرب مشعر بأنه لا خلاف في أنه يستحب لمن كان في المسجد في ذلك الوقت منتظرًا لقيام الجماعة، وكان فعله للركعتين لا يؤثر في التأخير كما يقع من الانتظار بعد الأذان للمؤذن حتى ينزل من المنارة، ولا ريب أن ترك هذه السنة في ذلك الوقت الذي لا اشتغال فيه بصلاة المغرب ولا بشيء من شروطها مع عدم تأثير فعلها للتأخير من الاستحواذات الشيطانية التي لم يَنْجُ منها إلا القليل.


= قال ابن خزيمة في "صحيحه" بإثر الحديث: "هذا اللفظ من أمر المباح، إذ لو لم يكن من أمر المباح، لكان أقلّ الأمر أن يكون سنة إن لم يكن فرضًا، ولكنه أمر إباحة، وقد كنت أعلمت في غير موضع من كتبنا أن لأمر الإباحة علامة، متى زَجر عن فعل، ثم أمر بفعل ما قد زجر عنه، كان ذلك الأمر أمر إباحة، والنبيّ قد كان زاجرًا عن الصلاة بعد العصر حتى مغرب الشمس على المعنى الذي بيّنت، فلما أمر بالصلاة بعد غروب الشمس صلاة تطوّع، كان ذلك أمر إباحة … "، وهو حديث صحيح.
(١) وهو حديث حسن تقدم تخريجه رقم (٢٥/ ٤٤٢) من كتابنا هذا.
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ١٢٤).
(٣) وهو حديث صحيح.
أخرجه مسلم رقم (٧١٠)، وأبو داود رقم (١٢٦٦)، والترمذي رقم (٤٢١)، والنسائي (٢/ ١١٦) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>