للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي عن ابن عمر مثله وإليه ذهب الطحاوي (١). وقال ابن العربي (٢): إن ذلك جائز لمن علم من نفسه اليقظة قبل خروج الوقت بعادة، أو يكون معه من يوقظه، والعلّة في الكراهة قبلها لئلا يذهب النوم بصاحبه ويستغرقه فتفوته، أو يفوته فضل وقتها المستحب، أو يترخّص في ذلك الناس، فيناموا عن إقامة جماعتها.

احتجّ من قال بالكراهة بحديث الباب وما بعده.

واحتجّ من قال بالجواز بدون كراهة بما أخرجه البخاري وغيره (٣) من حديث عائشة: "أن رسول الله أعتم بالعشاء حتى ناداه عمر نام النساء والصبيان ولم ينكر عليهم"، وبحديث ابن عمر (٤): "أن رسول الله شغل عنها ليلة فأخّرها حتى رقدنا في المسجد ثم استيقظنا (٥)، ثم رقدنا ثم استيقظنا، ثم خرج علينا رسول الله " الحديث، ولم ينكر عليهم.

قال ابن سيد الناس: وما أرى هذا من هذا الباب، ولا نعاسهم في المسجد وهم في انتظار الصلاة من النوم المنهيّ عنه، وإنما هو من السِّنَة التي هي مبادي النوم؛ كما قال:

وَسْنَانُ أقْصَدَهُ النعاسُ فرنَّقَتْ … في جفنهِ سِنَةٌ وليسَ بنائِمِ (٦)

وقد أشار الحافظ في الفتح (٧) إلى الفرق بين هذا النوم والنوم المنهيّ عنه.


(١) انظر: "شرح معاني الآثار" (١/ ١٥٨ - ١٥٩).
(٢) في "عارضة الأحوذي" (١/ ٢٨٠).
(٣) وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه رقم (٣٦/ ٤٥٣) من كتابنا هذا.
(٤) وهو حديث صحيح.
أخرجه البخاري رقم (٥٧٠).
(٥) قال الحافظ في "الفتح" (٢/ ٥٠ - ٥١) "قوله: حتى رقدنا في المسجد. استدلّ به من ذهب إلى أن النوم لا ينقض الوضوء، ولا دلالة فيه لاحتمال أن يكون الراقد منهم كان قاعدًا متمكّنًا، أو لاحتمال أن يكون مضطجعًا لكنه توضأ، وإلَّم يُنقل اكتفاء بما عُرف من أنهم لا يصلون على غير وضوء" اهـ.
(٦) • قائل البيت: عدي بن الرِّقاع كما في "لسان العرب".
• وقال "صاحب اللسان" بعد أن ساق البيت: "ففرَّق بين السِّنَة والنوم كما ترى، ووَسِنَ الرجلُ يَوْسَنُ وسَنًا وسِنَة: إذا نام نومة خفيفة" اهـ (١٣/ ٤٤٩).
• ورَنَّق النومُ في عينه: خالطها. "اللسان" (١٠/ ١٢٨).
(٧) في "الفتح" (٢/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>