للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتكلّم، أو يقال: دليل كراهة الكلام والسمر بعد العشاء عام مخصّص بدليل جواز الكلام والسمر بعدها في الأمور العائدة إلى مصالح المسلمين.

قال النووي (١): واتّفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلّا ما كان في خير. قيل: وعلّة الكراهة ما يؤدّي إليه السهر من مخافة غلبة النوم آخر الليل عن القيام لصلاة الصبح في جماعة، أو الإتيان بها في وقت الفضيلة والاختيار، أو القيام للورد من صلاة أو قراءة في حق من عادته ذلك، ولا أقل لمن أمن من ذلك من الكسل بالنهار عمّا يجب من الحقوق فيه والطاعات.

٤٧/ ٤٦٤ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رضي الله تعالى عنه] (٢) قالَ: رَقَدْتُ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةَ كانَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَهَا لأنْظُرَ كَيْفَ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ [بِاللَّيْلِ] (٣)، قالَ: فَتَحَدَّثَ النَّبِيُّ مَعَ أهْلِهِ ساعَةً ثُمَّ رَقَدَ، وَسَاقَ الحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ) (٤). [صحيح]

الحديث استدلّ به من قال بجواز السمر مطلقًا لأن التحدّت الواقع منه لم يقيد بما فيه طاعة، ولا بأس بتقييده بما فيه طاعة جمعًا بين الأدلّة كما سبق، على أنه يمكن أن يكون وقوع ذلك منه لبيان الجواز، وللإشعار بالمنع من حمل الأدلّة القاضية بمنع السمر على التحريم، ويمكن أن يقال: إن العلّة التي ذكرناها للكراهية منتفية في حقّه لأمنه من غلبة النوم وعروض الكسل، ويجاب بمنع أمنه من غلبة النوم مسندًا بنومه في الوادي (٥)، وأمّا أمنه من عروض


(١) في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ١٤٧).
(٢) زيادة من (جـ).
(٣) زيادة من (أ) و (ب) وهي في صحيح مسلم.
(٤) في "صحيحه" رقم (١٩٠/ ٧٦٣) قلت: وأخرجه البخاري رقم (١١٧) واللفظ لمسلم.
(٥) يشير المؤلف إلى الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٣٠٩/ ٦٨٠) عن أبي هريرة: أن رسول الله حين قفل من غزوة خيبر، سار ليله حتى إذا أدركه الكرى عرَّسَ، وقال لبلال: "اكلأ لنا الليل"، فصلّى بلال ما قُدِّر له، ونامَ رسول الله وأصحابه، فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجه الفجر، فغلبت بلال عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ رسول الله ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله أوّلهم استيقاظًا. ففزع رسول الله فقال: "أي بلال، فقال بلال: أخذَ بنفسي الذي أخذ - بأبي أنت وأمي يا رسول الله - بنفسك. قال: اقتادوا فاقتادوا رواحلهم شيئًا، ثم توضأ رسول الله وأمر بلالًا فأقام الصلاة، فصلّى بهم الصبح … ". =

<<  <  ج: ص:  >  >>