للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قدّمنا الكلام على اختصاص هذا الوقت بالمضطرّين في أوائل الأوقات، فارجع إليه.

٥٩/ ٤٧٦ - (وَعَنْ أبِي ذَرٍّ [رضي الله تعالى عنه] (١) قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ : "كَيْفَ أنْتَ إذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ أوْ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ "، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قالَ: "صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَة"، وَفِي رِوايَةٍ: "فإنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي المَسْجِدِ فَصَلِّ"، وَفِي أُخْرَى: "فَإِنْ أَدْرَكتْكَ - يَعْنِي الصَّلَاةَ - مَعَهُمْ فَصَلِّ وَلَا تَقُلْ: إنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي". رَوَاهُ أحْمَدُ (٢) وَمُسْلِمٌ (٣) والنَّسَائِيُّ (٤). [صحيح]

قوله: (يميتون الصلاة)، أي يؤخّرونها فيجعلونها كالميت الذي خرجت روحه، والمراد بتأخيرها عن وقتها المختار لا عن جميع وقتها، فإن المنقول عن الأمراء المتقدّمين والمتأخّرين إنما هو تأخيرها عن وقتها المختار، ولم يؤخّرها أحد منهم عن جميع وقتها، فوجب حمل هذه الأخبار على ما هو الواقع.

قوله: (فإن أدركتها) إلخ، معناه صلِّ في أول الوقت وتصرّف في شغلك فإن صادفتهم بعد ذلك وقد صلّوا أجزأتك صلاتك، وإن أدركت الصلاة معهم فصلّ معهم، وتكون هذه الثانية لك نافلة.

الحديثُ يدلُّ على مشروعية الصلاة لوقتها وترك الاقتداء بالأمراء إذا أخّروها عن أوّل وقتها، وأن المؤتمّ يصلّيها منفردًا ثم يصلّيها مع الإمام فيجمع بين فضيلة أوّل الوقت وطاعة الأمير.

ويدلّ على وجوب طاعة الأمراء في غير معصية لئلا تتفرّق الكلمة وتقع الفتنة، ولهذا ورد في الرواية الأخرى: "إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا مجدّع الأطراف" (٥).

وقوله: (فإنها لك نافلة) صريح أن الفريضة الأولى والنافلة الثانية.


(١) زيادة من (جـ).
(٢) في "المسند" (٥/ ١٤٧، ١٦٨، ١٦٩).
(٣) في "صحيحه" رقم (٢٣٨، ٢٤١، ٢٤٢/ ٦٤٨).
(٤) في "سننه" (٢/ ١١٣ رقم ٨٥٩).
وانظر: "الإرواء" رقم (٤٨٣).
(٥) أخرجه مسلم رقم (٦٤٨)، وأبو داود رقم (٤٣١)، والترمذي رقم (١٧٦)، والنسائي (٢/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>