للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال النضر بن شميل (١): إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق. وقيل: معناه أنهم سادة ورؤساء، والعرب تصف السادة بطول العنق. وقيل: معناه أكثر أتباعًا.

وقال ابن الأعرابي (٢): أكثر الناس أعمالًا، قال القاضي عياض وغيره: وروي بعضهم إعناقًا بكسر الهمزة، أي إسراعًا إلى الجنّة، وهو من سير العنق، قال ابن أبي داود (٣): سمعت أبي يقول: معناه أن الناس يعطشون يوم القيامة فإذا عطش الإنسان انطوت عنقه، والمؤذنون لا يعطشون فأعناقهم قائمة.

وفي صحيح ابن حبان (٤) من حديث أبي هريرة: "يُعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة". زاد السراج: "لقولهم: لا إله إلّا الله"، وظاهره الطول الحقيقي فلا يجوز المصير إلى التفسير بغيره إلا لمُلجئ.

والحديث يدلّ على فضيلة الأذان وأن صاحبه يوم القيامة يمتاز عن غيره، ولكن إذا كان فاعله غير متّخذ أجرًا عليه، وإلّا كان فعله لذلك من طلب الدنيا والسعي للمعاش وليس من أعمال الآخرة.


(١) النضر بن شميل هو ابن خرشةَ بن يزيد المازني التميمي، قال عنه ابن حجر في "التقريب" (٢/ ٣٠١): ثقة ثبت، مات سنة ٢٠٤ هـ، عن ٨٢ سنة.
• وذكر كلام النضر القاضي عياض في "إكمال المعلم" (٢/ ٢٥٥).
(٢) ذكره البغوي في "شرح السنة" (٢/ ٢٧٧).
(٣) هو عبد الله بن سليمان بن الأشعث الأزدي السجستانى، من حفاظ الحديث من كتبة "المصاحف" (٢٣٥ هـ - ٣١٦ هـ).
• وأخرج أثره البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٤٣٣).
(٤) رقم (١٦٧٠).
قلت: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (١٨٦١).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٣٢٦) وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط" - رقم (٦٨٥١) - وفيه أبو الصلت، قال المزي: روى عنه علي بن زيد، ولم يذكر غيره، وقد روى عنه ابنه خالد بن أبي الصلت في الطبراني، في هذا الحديث، وبقية رجاله موثقون"اهـ.
قلت: علي بن زيد هو ابن جدعان: وهو ضعيف، فلا ترتفع الجهالة عن أبي الصلت لكن له متابعًا كما تقدم رقم (١٨٦١) عن معمر، عن قتادة، عن رجل، عن أبي هريرة.
وللحديث شاهد من حديث معاوية المتقدم برقم (٣/ ٤٨٧) من كتابنا هذا.
وخلاصة القول: أن حديث أبي هريرة حديث حسن، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>