للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد استدلّ بهذا الحديث من قال: إن الأذان أفضل من الإمامة وهو نصّ الشافعي في الأم وقول أكثر أصحابه. وذهب بعض أصحابه إلى أن الإمامة أفضل وهو نصّ الشافعي أيضًا قاله النووي (١)، وبعضهم ذهب إلى أنهما سواء، وبعضهم إلى أنه إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة وجمع خصالها فهي أفضل وإلّا فالأذان، قاله أبو عليّ (٢) وأبو القاسم بن كجّ (٣) والمسعودي والقاضي حسين من أصحاب الشافعي (١).

واختلف في الجمع بين الأذان والإقامة، فقال جماعة من أصحاب الشافعي: إنه يستحب أن لا يفعله، وقال بعضهم: يكره، وقال محقّقوهم وأكثرهم: لا بأس به بل يستحب. قال النووي (٤): وهذا أصحّ، وفي البيهقي (٥) مرفوعًا من حديث جابر النهي عن ذلك، قال الحافظ: لكن سنده ضعيف.


(١) في "المجموع" (٣/ ٨٥).
(٢) أبو علي هو الحسين بن القاسم أبو علي الطبري، من فقهاء الشافعية (٢٦٣ هـ - ٣٥٠ هـ).
(٣) أبو القاسم بن كجّ: هو يوسف بن أحمد بن يوسف بن كجّ الدينوري، كان من أئمّة فقه الشافعية، مات مقتولًا عام ٤٠٥ هـ.
(٤) قال الإمام النووي في "المجموع" (٣/ ٨٧): "قلت: وإذا لم يثبت في الجمع بينهما - أي الأذان والإمامة - نهي فكراهته خطأ.
فحصل وجهان الصحيح أنه يستحب.
وقد قال القاضي أبو الطيب في أول صفة الصلاة في مسألة لا يقوم حتى يفرغ المؤذن من الإقامة: أجمع المسلمون على جواز كون المؤذن إمامًا واستحبابه.
قال صاحب الحاوي: في كل واحد من الأذان والإمامة فضل، وللإنسان فيهما أربعة أحوال:
- حال يمكنه القيام بهما والفراغ لهما، فالأفضل أن يجمع بينهما.
- وحال يعجز عن الإمامة لقلة علمه وضعف قراءته، ويقدر على الأذان لعلوّ صوته، ومعرفته بالأوقات، فالانفراد للأذان أفضل.
- وحال يعجز عن الأذان لضعف صوته وقلّة إبلاغه، ويكون قيمًا بالإمامة لمعرفته أحكام الصلاة وحسن قراءته، فالإمامة أفضل.
- وحال يقدر على كل واحد، ويصلح له ولا يمكنه الجمع فأيّهما أفضل؟ فيه وجهان" اهـ.
(٥) في "السنن الكبرى" (١/ ٤٣٣) وقال: "فهذا حديث إسناده ضعيف بمرة. إسماعيل بن عمرو بن نجيح أبو إسحاق الكوفي حدّث بأحاديث لم يتابع عليها. وجعفر بن زياد ضعيف" اهـ.
قلت: انظر ترجمة إسماعيل بن عمرو في: "اللسان" (١/ ٤٢٥)، و"الجرح والتعديل" (٢/ ١٩٠)، و"الميزان" (١/ ٢٣٩ - ٢٤٠).
وانظر ترجمة جعفر بن زياد في: "الجرح والتعديل" (٢/ ٤٨٠)، و"الميزان" (١/ ٤٠٧)، و "التقريب" (١/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>