للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز إفراد الإقامة وتثنيتها، قال أبو عمر بن عبد البر (١): "ذهب أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وداود بن علي ومحمد بن جرير إلى إجازة القول بكل ما روي عن رسول الله في ذلك وحملوه على الإباحة والتخيير، قالوا كل ذلك جائز لأنه قد ثبت عن النبيّ جميع ذلك وعمل به أصحابه، فمن شاء قال الله أكبر [أربعًا] (٢) في أوّل الأذان ومن شاء ثنّى، ومن شاء ثنّى الإقامة ومن شاء أفردها إلّا قوله: قد قامت الصلاة، فإن ذلك مرّتان على كل حال" انتهى.

وقد أجاب القائلون بإفراد الإقامة عن حديث أبي محذورة بأجوبة:

منها: أن من شرط الناسخ أن يكون أصحّ سندًا وأقوم قاعدة وهذا ممنوع، فإن المعتبر في الناسخ مجرد الصحة لا الأصحيَّة، ومنها أن جماعة من الأئمة ذهبوا إلى أن هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة، ورووا من طريق أبي محذورة "أن النبيّ أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة"، كما ذكر ذلك الحازمي في الناسخ والمنسوخ (٣).

وأخرجه البخاري في تاريخه (٤) والدارقطنى (٥) وابن خزيمة (٦)، وهذا الوجه غير نافع لأن القائلين بأنها غير محفوظة غاية ما اعتذروا به عدم الحفظ، وقد حفظ غيرهم من الأئمة كما تقدم ومن علم حجة على من لا يعلم.

وأمّا رواية إيتار الإقامة عن أبي محذورة فليست كروايته التشفيع، على أن الاعتماد على الرواية المشتملة على الزيادة.

ومن الأجوبة: أن تثنية الإقامة لو فرض أنها محفوظة وأن الحديث بها ثابت لكانت منسوخة، فإن أذان بلال هو آخر الأمرين لأن النبيّ لما عاد من حنين ورجع إلى المدينة أقرّ بلالًا على أذانه وإقامته.


(١) في "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (٣/ ١٥).
(٢) في (جـ): (مرتين) وهو خطأ.
(٣) (ص ١٩٩ - ٢٠٥).
(٤) في "التاريخ الكبير" (١/ ١/ ٩٤).
(٥) في "سننه" (١/ ٢٣٧).
(٦) في "صحيحه" (١/ ١٩٤، ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>