للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ليس على عاتقه منه شيء) العاتق ما بين المنكبين إلى أصل العنق، والمراد أنه لا يتزر في وسطه ويشد طرفي الثوب في حِقْوَيْهِ بل يتوشَّحُ بهما على عاتِقَيْهِ فيحصُلُ السِّتْرُ لجزءٍ من أعالي البدنِ، وإن كانَ ليس بعورةٍ، أو لكون ذلكَ أمكن في ستر العورة.

قال النووي (١): قال العلماء: حكمته أنه إذا اتزر به ولم يكن على عاتقه منه شيء لم يؤمن أن تنكشِفَ عورتُه بخلافِ ما إذا جعل بعضَه على عاتِقِه، ولأنه قد يحتاجُ إلى إمساكه بيده فيشتغل بذلك وتفوته سنة وضع اليمنى على اليسرى تحت صدره ورفعهما.

والحديثُ يدلّ على جوازِ الصلاةِ في الثوب الواحد.

قال النووي (٢): ولا خلاف في هذا إلا ما حكي عن بن مسعود، ولا أعلم صحته، وأجمعوا أن الصلاة في ثوبين أفضل.

ويدل أيضًا على المنع من الصلاة في الثوب الواحد إذا لم يكن على عاتق المصلي منه شيء، وقد حمل الجمهور هذا النهي على التنزيه، وعن أحمد (٣) لا تصح صلاة من قدر على ذلك فتركه. وعنه أيضًا تصح ويأثم، وغفل الكرماني (٤) عن مذهب أحمد فادعى الإِجماع على جواز ترك جعل طرف الثوب على العاتق وجعله صارفًا للنهي عن التحريم إلى الكراهة، وقد نقل ابن المنذر عن محمد بن علي - هو ابن الحنيفة - عدم الجواز وكلام الترمذي يدل على ثبوت الخلاف أيضًا (٥)، وعقد


(١) في شرحه لصحيح مسلم (٤/ ٢٣١ - ٢٣٢).
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (٤/ ٢٣١).
(٣) انظر "الفقه الإسلامي وأدلته" (١/ ٧٥١).
(٤) في شرحه لصحيح البخاري (٤/ ١٨).
(٥) قال النووي في "المجموع" (٣/ ١٨٠ - ١٨١): " … فلو صلى مكشوف العاتقين صحت صلاته مع الكراهة، هذا مذهبنا - أي الشافعية - ومذهب مالك وأبي حنيفة وجمهور السلف والخلف.
وقال أحمد وطائفة قليلة: يجب وضع شيء على عاتقه لظاهر الحديث، فإن تركه ففي صحة صلاته عن أحمد روايتان، وخص أحمد ذلك بصلاة الفرض، ودليلنا حديث جابر - المتفق عليه - "اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>