للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي داود أنه قال: "ما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهنٌ شديدٌ بينّتُه وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالحٌ، وبعضُها أصحُّ من بعض" (١). قال: ورَوَينا عنه (٢) أنه قال: "ذكرتُ فيه الصحيحَ وما يُشبهه وما يقاربه".

قال الإِمامُ الحافظُ محمدُ بنُ إبراهيمَ الوزيرُ: "إنه أجاز ابنُ الصلاحِ والنوويُّ وغيرُهما من الحفّاظ العملَ بما سكت عنه أبو داودَ لأجلِ هذا الكلامِ المَرْويِّ عنه وأمثاله مما روي عنه. قال النووي: إلا أن يظهرَ في بعضها أمرٌ يقدَحُ في الصحة والحُسنِ وجب تركُ ذلك. قال ابنُ الصلاح: وعلى هذا ما وجدناه في كتابه مذكورًا مطلقًا ولم نعلم صِحَّتَه عرفنا أنه من الحسَن عند أبي داودَ لأن ما سكت عنه يحتمل عند أبي داودَ الصِحّةَ والحسَنَ" انتهى.

وقد اعتنى المُنذريُّ (٣) في نقد الأحاديثِ المذكورةِ في سنن أبي


(١) اختلف العلماء في فهم مراده من قوله: "صالح" وأفضلها أنه أراد بقوله: "صالح": هو الضعيف الذي لم يشتد ضعفه وهذا هو الصواب بقرينة قوله: "وما فيه وهن شديد فقد بينته" فإنه يدل بمفهومه على أن ما كان فيه وهن غير شديد لا يبينه، فدل على أنَّه ليس كل ما سكت عليه أنه حسن، ويشهد لهذا وجود أحاديث كثيرة عنده لا يشك عالم في ضعفها، وهي مما سكت أبو داود عنه.
قال ابن حجر في "النكت على كتاب ابن الصلاح" (١/ ٤٣٥): "ومن هنا يتبين أن جميع ما سكت عليه أبو داود لا يكون من قبيل الحسن الاصطلاحي. بل هو على أقسام:
١ - منه ما هو في الصحيحين أو على شرط الصحة.
٢ - ومنه ما هو من قبيل الحسن لذاته.
٣ - ومنه ما هو من فبيل الحسن إذا اعتضد.
وهذان القسمان كثير في كتابه جدًّا.
٤ - ومنه ما هو ضعيف، لكنه من رواية من لم يجمع على تركه غالبًا، وكل هذه الأقسام عنده تصلح للاحتجاج بها … " اهـ.
وقال الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ٢١٤): "وكاسَرَ - أبو داود - عن ما ضعْفه خفيف محتمل، فلا يلزم من سكوته - والحالة هذه - عن الحديث أن يكون حسنًا عنده" اهـ.
وخلاصة القول: أن الكشف عما سكت عنه أبو داود أولى وأقرب إلى التحقيق التام.
(٢) ذكره الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (٢/ ٥٩٢) وقد تقدم التعليق عليها.
(٣) في كتابه "مختصر سنن أبي داود" وقد تقدم الكلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>